تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، فذلك عموم مؤكد بـ: "من"، فهي نص فيه، وإيراد الخبر مورد الشرط مئنة من تحقق المشروط بتحقق الشرط وذلك آكد في تقرير المعنى فتعليق شيء على شيء مئنة من التلازم الذهني والخارجي، فما تقدموا لأنفسكم من خيره تجدوه: فتجدوا آثاره في الدنيا بركة في الدين فالطاعات تزيد الإيمان، فهي زاد أصحاب العقائد، ولو لم يكونوا من الراسخين في العلم، فـ: "إن العقائد التقليدية ضعيفة في الغالب، إلا إذا قويت بمشاهدة أسبابها المولدة لها على الدوام، وبالمواظبة على مقتضاها في تكثير الطاعات، واجتناب المعاصي". اهـ

"مختصر منهاج القاصدين"، ص258.

فإذا كان هذا وجدان أصحاب العقائد التقليدية، فكيف بمن رسخت قدمه في الديانة: علما نافعا يولد في القلب إرادات صالحة، فليس علما نظريا كذلك الذي ابتلي به علماء السوء الذين فتنوا بزهرة الحياة الدنيا فأصابهم من شؤم أكل التراث الزائل ما أصابهم، فبذلوا في سبيل بلوغه: العلم الذي يسرت لهم أسبابه تيسير: "أَوَّلُ النَّاسِ يُقْضَى لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِيُقَالَ فُلَانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا فَقَالَ مَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ وَلَمْ أَفْهَمْ تُحِبُّ كَمَا أَرَدْتُ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنْ لِيُقَالَ إِنَّهُ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ فَأُلْقِيَ فِي النَّارِ"، فذلك مما يحمل العاقل على الفرار من ملوك الدنيا، فهم القسورة الذي يفترس الأديان والأبدان، فلا يرضى إلا بمداهنته وإقراره على باطله، وإلا تسلط على الأبدان بالإتلاف والأرزاق بالتضييق، فمن يسر له سبب يكفيه هم الدنيا برسم: "من أصبح معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا"، فلينأى بنفسه عن فضول المباحات فكيف بالشبهات بل كيف بالمحرم الخبيث الذي يبذل فيه: الدين برسم المداهنة أو العلم برسم الكتمان والتبديل فهو متلازمان برسم: (لَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، فإلباس الحق بالباطل تحريف لمعانيه فيصير الحق المحكم الذي يدل عليه الشرع والعقل والفطرة والحس ضرورة باطلا بل هرطقة تناقض العقائد الإيمانية الراسخة برسم التقليد الأعمى!، فالمقلد ينافح عن باطله بلا حجة، بل محض لغو إرادة التشويش والمعارضة فـ: (قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآَنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)، فذلك رسم الكفار في الماضي والحاضر، فلا زال كفار زماننا، لا سيما أهل الكتاب، يتلمسون الشبهات في آي الكتاب العزيز، على نحو يثير الدهشة والشفقة، فحالهم كحال:

ناطحٍ صَخْرةً يوماً ليُوهِنَهَا ******* فَلَمْ يَضِرْهَا وأَوْهَي قَرَنه الوَعِلُ!.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير