تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وتجدر الإشارة إلى أنَّ المعنى الاصطلاحي الخاص للعلة، إنما يشمل العلة القادحة الخفية التي يكون الظاهر السلامة منها. و هذه تختص برواية الثقات. أما العلة بالمعنى الأعم فإنها تتعلق بالرواية عموماً، سواء أكان الراوي ثقة أم ضعيفاً، وسواء كذلك أكان الوهم بالإسناد أم بالمتن، ومن الملاحظ: أنَّ الخطأ في رواية الثقة أشد غموضاً من الخطأ في رواية الضعيف؛ لأنَّ الأصل في رواية الثقة الصواب - والخطأ طارئ – فالقلب من حيث الأساس مطمئن إلى رواية الثقة، وليست كذلك رواية الضعيف، فالقلب غير مطمئن أساساً إليها، فالأصل الحكم عليها بالخطأ - والصواب طارئ - ومع ذلك فإنَّ معرفة الخطأ في رواية الضعيف ليس بالأمر السهل؛ وذلك لأنَّ الحكم عليه بالضعف أساساً يحتاج إلى متابعة روايته ومقارنتها برواية الثقات، فإن كثرت مخالفته لهم، حُكم بضعفه. وأيضاً فإنَّ الضعف درجات؛ و إذا لم يكن شديداً في الراوي، فإنَّ بالإمكان الاستفادة من بعض أحاديثه؛ لأنَّ خطأ الضعيف غير مقطوع به؛ لذلك فإنَّ من أحاديثه ما يصح و ما يضعف، و يُعرف الخطأ و الصواب بالبحث و الموازنة.

ومن ينظر في كتب الشروح و التخريج والعلل يجد إطلاق لفظ العلة والمعلول والمعل على كثير من الأحاديث التي فيها جرح ظاهر، وقد قمت باستقراء كتاب علل ابن أبي حاتم (17) وهو كتاب عظيم النفع غير أنَّ مصنفه ذكر فيه العلل الخفية والجلية، فهو غير خاص بالعلل الخفية كما يظن، وأشرت إلى الأحاديث التي أُعلت بالجرح الظاهر، فوجدتها كثيرة العدد، يزيد مجموعها على مئتين و سبعة وأربعين حديثاً، فقد أَعل بالانقطاع سبعة وعشرين حديثاً، منها الأحاديث: (24) و (74) و (108) و (132) و (164) و (214) و (594) و (622) و (753) و (905) و (1259) و (1371).

وأَعَلَّ بضعف الراوي مئة وثلاثة وأربعين حديثاً منها: (53) و (100) و (151) و (176) و (208) و (250) و (309) و (421) و (500) و (565) و (609) و (641) و (727) و (854) و (988) و (1053) و (1156) و (1241) و (1473).

وأَعل بالجهالة ثمانية وستين حديثاً منها: (89) و (180) و (345) و (441) و (701) و (1070) و (1152) و (1311) و (1484) و (1579) و (1689) و (1760) و (1829) و (1966) و (2151).

وأَعل بالاختلاط حديثين هما: (279) و (2220).

وأَعل بالتدليس أربعة أحاديث هي: (2119) و (2255) و (2275) و (2579).

وكذلك نجد في كلام كثير من جهابذة العلم إطلاق العلة على الجرح الظاهر كما في " نصب الراية " للزيلعي 3/ 85 و3/ 239 و3/ 287 و 3/ 358 و3/ 370 و3/ 431 و 4/ 47.

وفي كلام ابن القيم كما في " زاد المعاد " 1/ 177 و 244.

وكذلك وقع في كلام الحافظ ابن حجر إعلال بعض الأحاديث بالعلة الظاهرة كالإعلال بالانقطاع الظاهر، وبالإرسال الظاهر، وبالجهالة، وبضعف الرواة كما في " التلخيص الحبير " 1/ 117 (1) و 1/ 129 (3) و1/ 159 (10) و 1/ 164 (13) و1/ 173 (22)، و " فتح الباري " 1/ 83 و 2/ 446، و انظر: " سبل السلام " 1/ 69 و 72 و 75.

وقد أشرت - فيما سبق - إلى أنَّ الصنعاني قد عد تقييد العلة في التعريف بكونها خفية قادحة قيداً أغلبياً .. وقد قال الحافظ ابن حجر: (( .. لأنَّ الضعف في الراوي علة في الخبر، والانقطاع في الإسناد علة في الخبر، و عنعنة المدلس علة في الخبر، وجهالة حال الراوي علة في الخبر)) (18). وفي حوار مع أستاذي العلاّمة الدكتور هاشم جميل قد تنبهت على أمر آخر، وهو: أنَّ المحدّثين إذا تكلموا على العلة بوصفها أنَّ خلو الحديث منها يعد قيداً لا بد منه لتعريف الحديث الصحيح، فإنهم في هذه الحالة يطلقون العلة و يريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاص، وهو السبب الخفي القادح، وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام، فإنَّهم في هذه الحالة يطلقون العلة و يريدون بها المعنى العام، أي: السبب الذي يعل الحديث به، سواء أكان خفياً أم ظاهراً، قادحاً أم غير قادح.

وهذا توجد له نظائر عند المحدّثين، منها: المنقطع (19)، فهو بالمعنى الخاص: ما حصل في إسناده انقطاع في موضع أو أكثر من موضع لا على التوالي.

هذا المصطلح نفسه يستعمله المحدّثون أيضاً استعمالاً عاماً فيريدون: كل ما حصل فيه انقطاع، في أي موضع في السند، فيشمل:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير