حراسة السنّة النبوية، وحمايتها من الخطأ والخلل والغلط والسهو الذي يقع من رواة الحديث وحملته، وقد يقع ذلك من الحفاظ ومن الثقات، فربّ خبر ظاهره السلامة لثقة رجاله واتصال سنده من حيث الظاهر، اطلع الحفاظ الجهابذة النقاد، بعد سير طرقه والبحث عن أحوال رواته التفصيلية على علّة قادحة فيه تمنع الحكم بصحته ومن هنا تظهر أهمية هذا العلم وغايته وصعوبته، وذلك أن سقوط حديث الضعفاء والمجروحين واضح. وأما حديث الثقات فظاهره السلامة. فالتنبيه إلى مواضع الخطأ فيها يحتاج إلى علم غزير. ومعرفة واسعة بطرق الأحاديث. وخبرة تامة بأحوال الرواة في أنفسهم عند تحملهم وأدائهم، فلذا قلّ من تكلّم في هذا العلم من العلماء ().
وغاية أخرى الفوز بالدار الآخرة، والشرب من حوض النبي صلى الله عليه وسلم.
فصل: أشهر علمائه
هذا العلم لخطورته وصعوبته لم ينهض للكلام فيه إلاّ الأئمة الكبار الجهابذة النقاد. الذين اختلط الحديث بلحمهم ودمهم، الذين كان لهم اليد الطولي في معرفة علل الحديث، فمن أشهرهم:
1 - الإمام الحافظ الكبير أبو سعيد عبد الرحمان ابن مهدي البصري اللؤلؤي، ولد سنة 135، ومات سنة 198 هـ.
2 - الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عبد الله المديني، البصري، ولد سنة 161 ومات سنة 234.
3 - إمام أهل السنّة الحافظ الكبير أبو عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني البغدادي ولد سنة 164،ومات سنة 241.
4 - والإمام الحجّة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ولد سنة 194 ومات سنة 256.
5 - الإمام الحجّة أبو الحسين مسلم بن الحجّاج القشيري، النيسابوري، ولد سنة 404، ومات سنة 261.
6 - الإمام الحافظ الكبير يعقوب بن شيبة السد وسي البصري لد سنة 182ومات سنة 262.
7 - الإمام الحافظ الناقد أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازي، ولد سنة 195 ومات سنة 277.
8 - الإمام الحافظ أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي، ولد سنة 200 ومات سنة 264.
9 - الإمام الحافظ خاتمة النقاد أبو الحسن علي بن عمر الدار قطني البغدادي ولد سنة 305 ومات سنة 385 (). وبه ختم معرفة العلل. قاله الإمام السّخاوي -رحمه الله- في جزء "المتكلمون في الرجال" ().
فصل: أشهر المؤلفات فيه
أفردت علل الحديث بالتصنيف في أواخر القرن الثاني وأوائل القرن الثالث، فمن أقدم ما وصلت من هذه المصنفات كتاب:
1 - "التاريخ والعلل" للإمام الحافظ يحي بن معين "158 - 233".
2 - "علل الحديث" () للإمام الكبير أحمد بن حنبل "164 - 241".
3 - "المسند المعلل" للحافظ يعقوب بن شيبة السّدوسي "182 - 262".
4 - "العلل" () للإمام محمّد بن عيسى الترمذي "209 - 279".
5 - "علل الحديث" () للإمام الحافظ عبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي "240 - 327".
قال الشيخ طاهر الجزائري –رحمه الله- في "توجيه النّظر إلى أصول الأثر 2/ 612": "…فرأيته من الكتب الجليلة المقدار، التي لا يستغنى عن الإطلاع عليها وتكرار النظر إليها من أراد الإشراف على هذا النوع. الذي هو من أغمض الأنواع، فضلا عمّن يحب أن يعدّ نفسه لا تباع آثار الواقفين على أسراره" وقال فيه أيضا -رحمه الله-: "أنه أحسن ترتيبا، وأقرب لاستفادة أكثر الناس منه".
وقد طبع الكتاب بمطبعة المكتبة السلفية بالقاهرة سنة 1343 بتحقيق محب الدين الخطيب رحمه الله، ثمّ صور عنها وطبع بمطبعة دار المعرفة في بيروت سنة 1405.
6 - "العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للإمام الحافظ خاتمة النقاد أبو الحسن علي
ابن عمر الدار قطني سنة 306 - 385" ().
وهذا الكتاب من أجمع ما صنف في علل الحديث مرتب على المسانيد. ولا زلنا نسمع من أشياخنا الوصية باقتنائه، وإدامة النظر فيه.
وقد طبع منه اثنا عشر مجلدا بتحقيق د/ محفوظ زين الله السلفي، على ما أفاد به علي الحلبي في حاشية على "جزء علم الرجال للمعلمي". وقد رأيت نسخة مطبوعة في المدينة النبوية.
فصل: أنواع العلل ودراستها
والطريق إلى معرفة العلل في الأحاديث جمع طرقه والنظر في اختلاف رواته وضبطهم وإتقانهم. قال علي بن المديني الإمام الحجّة: الباب إذا لم تجمع طرقه لم تتبيّن خطأه.
وتقع العلّة في الإسناد وهو الأكثر، وقد تقع في المتن، وما وقع في الإسناد قد يقدح فيه وفي المتن، وقد لا يقدح في المتن بل في الإسناد خاصة ويكون المتن صحيحا ().
النوع الأول: " ........... يتبع
¥