ـ[ابن أبي ناصر]ــــــــ[23 - 02 - 09, 12:12 ص]ـ
مجالس في علم العلل. المجلس الثاني
النوع الأول/ العلّة في الإسناد وحده
إذا وقعت العلّة في الإسناد، فأنها تقدح فيه وحده، إذا كان مرويا بإسناد آخر صحيح.
مثال: حديث يعلى بن عبيد الطّنافسيّ (ت 209) عن سفيان بن سعيد الثوري (ت 161) عن عمرو ابن دينار (ت 126) عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه (ت 74) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البيّعان بالخيار…" الحديث فهذا الإسناد متصل بنقل العدل عن العدل. وهو معلّ غير صحيح، وعلته في الإسناد وحده، ولا تقدح في المتن، فالمتن صحيح. والعلّة في قول الراوي الثقة العدل يعلى بن عبيد الطّنافسي: عن عمرو بن دينار، إنما هو عبد الله بن دينار (ت 157) عن بن عمر، هكذا رواه الأئمة من أصحاب سفيان الثوري عنه، فوهم يعلى بن عبيد وعدل عن عبد الله ابن دينار إلى عمرو ابن دينار وكلاهما ثقة ().
النوع الثاني: العلّة في المتن
وقد تقع العلّة في متن الحديث، ومثاله ما انفرد مسلم بإخراجه في صحيحه من رواية الوليد ابن مسلم (ت195) حدثنا الأوزاعي (ت 157) عن قتادة (ت 117) أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك حدّثه قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكانوا يستفتحون بالحمد لله ربّ العالمين. لا يذكرون بسم الله الرحمان الرحيم، في أول قراءة ولا في آخرها".
فعلّل قوم رواية اللفظ المذكور المصرح بنفي البسملة. لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه: فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله ربّ العالمين من غير تعرض لذكر البسملة، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور. رواه بالمعنى الذي وقع له. ففهم من قوله كانوا يستفتحون بالحمد الله، أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم وأخطأ، لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيه تعرض لذكر التسمية ().
وأعله الحفاظ بوجوه أخرى غير ما ذكر. جمعها الحافظ جلال الدين السيوطي –رحمه الله- في" تدريب الراوي" ().
النوع الثالث: المتن والإسناد معا
وقد تقع العلة في المتن والإسناد معا، فتؤثر فيهما، ومثاله ما رواه بقية (ت 197) عن يونس (ت159) عن الزهري (ت 124) عن سالم (ت106) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فقد أدرك"
قال ابن أبي حاتم في "كتاب العلل" (): قال أبي هذا خطأ المتن والإسناد، إنما هو عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة و السلام قال: " من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها" وأما قوله من صلاة الجمعة فليس هذا في الحديث فوهم في كليهما".
النوع الرابع: العلّة الواقعة في الإسناد وتؤثر في المتن
وقد تقع العلّة في الإسناد، فتقدح في المتن، ومثاله: حديث موسى بن عقبة (ت141) عن سهيل ابن أبي صالح (ت 140) عن أبيه (ذكوان السّمان ت 101) عن أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة و السلام قال: "من جلس مجلسا كثر فيه لغطه فقال: "قبل أن يقوم سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلاّ غفر له ما كان في مجلسه ذلك".
قال: الحاكم أبو عبد الله النيسابوري –رحمه الله- في "معرفة علوم الحديث () هذا حديث من تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح وله علّة فاحشة حدثني أبو نصر الوراق قال: سمعت أبا حامد القصار يقول: "سمعت مسلم بن الحجاج وجاء إلى محمّد
ابن إسماعيل البخاري، فقبّل بين عينيه" وقال: "دعني أقبّل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيّد المحدثين وطبيب الحديث في علله…" [فسأله عنه فقال]: فما علّته؟
قال محمد بن إسماعيل هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلاّ أنه معلول، حدثنا موسى ابن إسماعيل قال حدثنا وهيب قال حدثنا سهيل عن عون بن عبد الله قوله، قال محمد ابن إسماعيل: هذا أولى، فإنه لا يذكر لموسى بن عقبة سماعا من سهيل".
وذكر هذه الأنواع ليس للحصر بل هناك أنواع أخرى من العلل كالإرسال في الموصول والوقف في المرفوع أو بدخول حديث في حديث، أو وهم واهم، أو غير ذلك ().
¥