فالمتوقَّع أن يرويه تلاميذ أبي عبيدة عن أبي عبيدة، كأبي المؤرِّج مثلاً!
وأن يرويه تلاميذ الربيع عن الربيع، كأبي غانم مثلاً!
حتى بصرف النظر عن وجود مسند الربيع وتاريخ تصنيفه!
فانظر إلى سؤال أبي غانم لأبي المؤرِّج عن هذا الحديث بعينه! في المدوَّنة 2/ 148:
قلت لأبي المؤرِّج: أبلغك ما يروي هؤلاء عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام؟ قال: وما يقولون؟ قلت: يقولون: إن رجلاً أفلس على عهد النبي عليه السلام، وكان رجل قد باعه متاعاً، فوجد الرجل ذلك المتاع بعينه، فردَّ عليه متاعه. قال أبو هريرة: فإن كان بيع منه شيء فإن الناس يطلبون صاحب المتاع كأحد الغرماء.
قال [أبو المؤرِّج]: الله ورسوله أعلم بهذا الحديث! والقول منه عليه السلام حقٌّ! وقول الناس وأصحابنا يروون أنه بين الغرماء بالحصص، ولست أعرف بينهم اختلافاً في ذلك. إلا أن يكون الرجل المفلس خدع رجلاً من المسلمين بعدما أفلس فاشترى منه ولم يطَّلع على إفلاسه ثم علم بعد ذلك، فذلك الذي يقول أصحابنا أنه يأخذ متاعه وليس لأحد من الغرماء فيه شيء، لأنه بمنزلة قاطع الطريق أو بمنزلة السارق.
قلت: فلو كان اشترى جارية على هذه الجهة التي أعلمتني بها، ثم علم الرجل بإفلاسه، فانطلق الرجل ليأخذ جاريته فوجد المفلس قد أحدث فيها عتقاً؟
قال: لا يجوز عتقه، ولا نعمت عين له!
أبو غانم يسأل أبا المؤرِّج: أبلغك ما يروي هؤلاء عن أبي هريرة؟
والمقصود (بهؤلاء): المخالفون للإباضية! بدليل قولهبعد ذلك (وأصحابنا).
وقد وردت هذه اللفظة بهذا المعنى عشرات المرات في المدوَّنة.
وهذا إقرار منه بأن الحديث ليس له رواية عند الإباضية! ومن غير المعقول أن يعرف هذا الفقيه المعتبر عندهم بروايته عند غير الإباضية وتخفى عليه روايته عند الإباضية!
وكان حريًّا بشيخه أبي المؤرِّج أن يقول له: أخطأت في السؤال يا أبا غانم! فالحديث قد رويناه نحن وشيخك الربيع عن أبي عبيدة!
ولكنَّه زادنا يقيناً بأن أبا عبيدة لم يروه! لأنه أجاب بقوله: الله ورسوله أعلم بهذا الحديث!
وأكَّد أن العمل عند الإباضية على عكس هذا الحديث! وأن المتاع يأخذه صاحبه في حالة واحدة: أن يكون المفلس قد خدع البائع بعد الإفلاس، فيردّ المتاع على صاحبه لأن البيع باطل، كما لو سرقه المفلس منه!
وقوله (وأصحابنا يروون أنه بين الغرماء بالحصص) معناه أن عند الإباضية حديثاً بخلافه! (إلا أن يكون صواب العبارة: يرون).
• بيع المصرّاة:
562 - أبو عبيدة عن جابر بن زيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تناجشوا، ولا تتلقوا الركبان للبيع، ولا يبع حاضر لباد، ولا تصرُّوا الإبل والغنم.
قال الربيع: أي: لا تحولوا بين الشاة وولدها وتتركوا اللبن في ضرعها حتى يعظم، فيظن المشتري كذلك هي.
ورد بحث المصرّاة في المدوَّنة 2/ 146 وهذه عبارته:
سألت أبا المؤرِّج عن المصرّاة التي روى هؤلاء أنه يردّها ويردّ معها صاعاً من تمر، ما تفسير ذلك؟ وهل بلغك ذلك عن أصحابنا؟
فقال: حدثني أبو عبيدة أنه إذا اشتراها تحلب وتفسير المصرّاة الشاة والبقرة والناقة ذات اللبن إذا اشتراها وقد حينت أياماً فحلبها من يومه فقال له البائع فأعجبه ثم ذهب بها إلى منزله فحلبها من الغد فلم يجدها مثل الذي رأى. قال أبو عبيدة: يردّها ويردّ معها صاعاً من تمر.
السائل والمسؤول لم يستشهدا بحديث أبي هريرة الذي رواه الربيع عن أبي عبيدة! ولا بتفسير الربيع!
والربيع فسَّر المصرّاة بنفسه ولم يعلم بتفسير أبي عبيدة الذي رواه أبو المؤرِّج!
وأبو عبيدة لم يستشهد بحديث أبي هريرة!
وعبارة أبي غانم كالصريحة بأن لم يعرف للإباضية رواية في الموضوع، لأنه يقول (التي روى هؤلاء ... وهل بلغك ذلك عن أصحابنا؟).
وقد عرفنا معنى (هؤلاء)، وأن المقصود بها غير الإباضية.
• بيع ما ليس عندك:
563 - أبو عبيدة عن جابر بن زيد قال: بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الإحتكار، وعن سلف جر منفعة، وعن بيع ما ليس عندك.
وردت مسألة (بيع ما ليس عندك) استطراداً في المدوَّنة 2/ 130، عن أبي المؤرِّج، وهذا لفظه:
سألت أبا المؤرِّج عن رجل ابتاع طعاماً فباعه قبل أن يقبضه، قال:
¥