تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأيضا فلا يلزم أن تتعلق جميع أحاديث الباب ببدء الوحي، بل يكفي أنيتعلق بذلك وبما يتعلق به وبما يتعلق بالآية أيضا، وذلك أن أحاديث الباب تتعلق بلفظالترجمة وبما اشتملت عليه، ولما كان في الآية أن الوحي إليه نظير الوحي إلىالأنبياء قبله، ناسب تقديم ما يتعلق بها، وهو صفة الوحي وصفة حامله إشارة إلى أنالوحي إلى الأنبياء لا تباين فيه، فحسن إيراد هذا الحديث عقب حديث الأعمال، الذيتقدم التقدير بأن تعلقه بالآية الكريمة أقوى تعلق، والله سبحانه وتعالى أعلم.

قوله: (أحيانا) جمع حين، يطلق على كثير الوقت وقليله، والمرادبه هنا مجرد الوقت، فكأنه قال: أوقاتا يأتيني، وانتصب على الظرفية، وعامله " يأتيني " مؤخر عنه.

وللمصنف من وجه آخر عن هشام في بدء الخلق قال: كل ذلك يأتي الملك، أي كل ذلك حالتان فذكرهما.

وروى ابن سعد من طريق أبي سلمة الماجشون، أنه بلغه أن النبي -صلىالله عليه وسلم -كان يقول: " كان الوحي يأتيني على نحوين: يأتيني به جبريلفيلقيه على كما يلقى الرجل على الرجل، فذاك ينفلت مني.

ويأتيني في بيتي مثل صوت الجرس حتى يخالط قلبي، فذاك الذي لا ينفلتمني " وهذا مرسل مع ثقة رجاله، فإن صح فهو محمول على ما كان قبل نزول قولهتعالى: (لا تحركبه لسانك) ( http://**********:openquran(74,16,16)) كما سيأتي، فإن الملك قد تمثل رجلا في صور كثيرة، ولم ينفلتمنه ما أتاه به، كما في قصة مجيئه في صورة دحية وفي صورة أعرابي، وغير ذلك وكلها فيالصحيح.

وأورد على ما اقتضاه الحديث - وهو أن الوحي منحصر في الحالتين - حالات أخرى: إما من صفة الوحي كمجيئه كدوي النحل، والنفث في الروع، والإلهام، والرؤيا الصالحة، والتكليم ليلة الإسراء بلا واسطة.

وإما من صفة حامل الوحي، كمجيئه في صورته التي خلق عليها له ستمائةجناح، ورؤيته على كرسي بين السماء والأرض وقد سد الأفق.

والجواب: منع الحصر في الحالتين المقدم ذكرهما وحملهما علىالغالب، أو حمل ما يغايرهما على أنه وقع بعد السؤال، أو لم يتعرض لصفتي الملكالمذكورتين لندورهما، فقد ثبت عن عائشة أنه لم يره كذلك إلا مرتين، أو لم يأته فيتلك الحالة بوحي، أو أتاه به فكان على مثل صلصلة الجرس، فإنه بين بها صفة الوحي لاصفة حامله.

وأما فنون الوحي، فدوي النحل لا يعارض صلصلة الجرس، لأن سماع الدويبالنسبة إلى الحاضرين - كما في حديث عمر - يسمع عنده كدوي النحل، والصلصلة بالنسبةإلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فشبهه عمر بدوي النحل بالنسبة إلى السامعين، وشبهههو -صلى الله عليه وسلم -بصلصلة الجرس بالنسبة إلى مقامه.

وأما النفث في الروع، فيحتمل أن يرجع إلى إحدى الحالتين، فإذا أتاهالملك في مثل صلصلة الجرس نفس حينئذ في روعه.

وأما الإلهام فلم يقع السؤال عنه، لأن السؤال وقع عن صفة الوحي الذييأتي بحامل، وكذا التكليم ليلة الإسراء. (1/ 20)

وأما الرؤيا الصالحة فقال ابن بطال: لا ترد، لأن السؤال وقع عماينفرد به عن الناس، لأن الرؤيا قد يشركه فيها غيره ا ه.

والرؤيا الصادقة وإن كانت جزءا من النبوة فهي باعتبار صدقها لا غير، وإلا لساغ لصاحبها أن يسمى نبيا وليس كذلك، ويحتمل أن يكون السؤال وقع عما فياليقظة، أو لكون حال المنام لا يخفى على السائل، فاقتصر على ما يخفى عليه، أو كانظهور ذلك له -صلى الله عليه وسلم -في المنام أيضا على الوجهين المذكورين لا غير، قاله الكرماني: وفيه نظر.

وقد ذكر الحليمي أن الوحي كان يأتيه على ستة وأربعين نوعا - فذكرها - وغالبها من صفات حامل الوحي، ومجموعها يدخل فيما ذكر، وحديث: " أن روح القدسنفث في روعي "، أخرجه ابن أبي الدنيا في القناعة، وصححه الحاكم من طريق ابنمسعود.

قوله: (مثل صلصلة الجرس) في رواية مسلم " في مثل صلصلةالجرس " والصلصلة بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة: في الأصل صوت وقوعالحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين، وقيل: هو صوت متدارك لا يدركفي أول وهلة، والجرس الجلجل الذي يعلق في رءوس الدواب، واشتقاقه من الجرس بإسكانالراء وهو الحس.

وقال الكرماني: الجرس ناقوس صغير أو سطل في داخله قطعة نحاس يعلقمنكوسا على البعير، فإذا تحرك تحركت النحاسة فأصابت السطل فحصلت الصلصلة. ا ه.

وهو تطويل للتعريف بما لا طائل تحته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير