تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جاء الكاتب برواية استخرجها من كتاب الإمام الحاكم (المستدرك على الصحيحين) ثم ختمها بحكم الحاكم على هذه الرواية حيث قال: «حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه»، ليؤكد صحة الرواية وأنه لم يصححها بل صححها أحد أئمة الحديث.

وبعد أن سرد الكاتب الرواية قال كلاماً قد يُفهم أنه يعرّض بخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرحه لبعض الأسئلة، ومن ذلك قوله: «أيتصور أن يحتد النزاع على هذه النخلة ليصل إلى حد الشتيمة من الموصوف باللين والرقة؟» واصفاً فعل أبي بكر بأنه من «طبائع التجار»!

وقد يغتفر للكاتب أنه اعتمد على حكم الحاكم في تصحيح هذه الرواية، ولكن كان ينبغي عليه الرجوع إلى أهل الاختصاص في علم الحديث، هل ثبتت هذه الرواية أو لا؟ وأهل الاختصاص لا يعوّلون على تصحيحات الحاكم في كثير مما يورده في كتابه لأسبابٍ ليس هذا محلّ تفصيلها.

نعم هذه الرواية قد أخرجها الإمام الحاكم في كتابه، بل وأخرجها الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود الطيالسي في مسنده، وغيرهم من أهل العلم. ولكن تخريج هؤلاء الأئمة لمثل هذه الروايات لا يعني صحتها، وإنما هم يخرجون الأحاديث التي تقع لهم في مسانيد ذلك الصحابي ولا يلتزمون الصحة.

هذه القصة التي استشهد بها الكاتب قصةٌ منكرةٌ باطلةٌ! وحاشا أبا بكر أن يفعل ماذكرته القصة!

القصة رواها المبارك بن فضالة البصري – وكان من أصحاب الحسن البصري – رواها عن أبي عمران الجوني عن ربيعة بن كعب الأسلمي، قال: كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر حديثاً طويلاً في صفحتين، ومنه ما اجتزأه الكاتب.

والمبارك هذا كان ناسكاً متعبداً قد أثنى عليه بعض أهل العلم في الرّجال، وثناؤهم هذا كان في دينه، وأما في روايته فهم يكاد يُجمعون على ضعف حديثه، وخاصة إذا تفرد، ولم يتابعه عليه أحد من الرواة. وهذه طائفة من أقوال أهل الاختصاص فيه تجدها في كتاب (الكامل في ضعفاء الرجال) لابن عدي (6/ 319):

حيث نقل تضعيف المبارك عن احمد وابن معين والنسائي

وقد ترجمه الخطيب البغدادي في ((تاريخ بغداد)) (13/ 215) ومما ذكر في ترجمته:

- قال أبو الحسن الدارقطني: مبارك بن فضالة ليّن كثير الخطأ.

- وقال عليّ بن المديني: عند مبارك أحاديث مناكير عن عبيد الله وغيره.

وقال أبو زرعة الرازي: يدلس كثيراً.

والحاصل أن مبارك بن فضالة يحتاج إلى من يتابعه على روايته، وإلا ردت ولم تقبل. وهذه القصة المنكرة لم يتابعه عليها أحد من الأئمة الثقات ولا حتى الضعفاء مثله. وإنما خالفه الحارث بن عبيد الإيادي البصري فقال: حدثنا أبو عمران الجوني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع أبا بكر وربيعة الأسلمي أرضاً فيها نخلة مائلة أصلها في أرض ربيعة وفرعها في أرض أبي بكر، فذكر القصة (الطبقات الكبرى لابن سعد: 4/ 313).

والحارث بن عبيد فيه كلام أيضاً، وهو أرفع من مبارك، وقد أرسل الحديث، فأخطأ مبارك فرفع الحديث، وكان يصل المراسيل كما قال أهل العلم. وأبو عمران لم يسمعه من ربيعة؛ ولم ينص أحد من أهل العلم على أنه سمع منه.

وطبقة شيوخ أبي عمران ليست طبقة ربيعة، وربيعة مات يوم الحرة سنة (63هـ). وأقصى ما قال أهل العلم أن أبا عمران الجوني رأى عمران بن حصين (مات سنة 52هـ)، فمثله لا يدرك ربيعة المدني. وتلاميذ ربيعة الثقات كأبي سلمة بن عبدالرحمن (ت94هـ) وغيره لا يوجد عندهم هذا الحديث.

فإذا حكمنا لرواية الحارث فتكون هذه القصة مرسلة يتناقلها الناس دون إسناد، ولا تصح مسندة عن الثقات، فهي ضعيفة لا يحتج بها.

وإلا قلنا بأن مبارك ضعيف ولم يتابعه أحد على رفع الرواية، ورواية الحارث لا تشد روايته لأنها ليست مسندة، وعلى كلّ الأحوال فالقصة منكرة لا تصح.

وأخيراً أقول: كان ينبغي على الكاتب - على فرض صحة الرواية عنده - ان ينتقي عبارات تليق بمكانة اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فان ذلك اقرب للتقوى والله المستعان وعليه التكلان.

د. خالد الحايك

[email protected]

لا حول ولا قوة إلا بالله هو حسبنا ونعم الوكيل.

ـ[عبد القادر الوهراني]ــــــــ[09 - 05 - 09, 01:22 م]ـ

الحمد لله الذي قيض في هذه الأمة رجالا يذبون عن هذا الدين وعمن حمل إلينا هذا الدين

من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

ـ[عامر الدوسري]ــــــــ[25 - 05 - 09, 11:51 ص]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير