تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال ابن القطان الفاسي: ومن تلك الأحوال أحوال المسوين، والتسوية نوع من أنواع التدليس، إنما هي أن يسقط شيخ شيخه الضعيف، ويجعل الحديث عن شيخه. كان الوليد بن مسلم فيما ذكر أبو مسهر يدلس فى أحاديث الأوزاعي، فيروي عن الأوزاعي ويعنعنه عن الأوزاعي عن شيخ ذلك المسقط الذى هو شيخ الأوزاعي أيضاً.

مثاله أن يعمد إلى حديث يرويه الأوزاعي عن شيخ ضعيف عن الزهري، والزهري شيخ للأوزاعي، فيسقط الوليد الواسطة الضعيف الذي بين الأوزاعي والزهري.

فهو إذا عمل ذلك فى حديث نفسه سُمي تدليساً، وإذا عمله فى حديث شيخه سُمي تسوية. وحكم التسوية حكم التدليس سواء فى انقسام الذى أسقط إلى ثقة وضعيف. (2)

وقال ابن القطان الفاسي أيضاً: وذكر أبو محمد من طريق أبي داود حديث المقدام بن معد يكرب، فيه: وأدخل أصابعه فى صماخ أذنيه.

وسكت عنه، وهو حديث يرويه الوليد بن مسلم، عن حريز بن عثمان، عن عبد الرحمن بن ميسرة، عن المقدام.

والوليد بن مسلم كان يدلس ويسوي، ولم يقل فى هذا الحديث: حدثنا ولا أخبرنا ولا سمعت، ولا ذكر عن حريز أنه قال ذلك.


(1) الضعفاء والمتروكين [صـ 265].
(2) بيان الوهم والإيهام [5/ 499].

فمن حيث هو مدلس يمكن أن يكون قد أسقط بينه وبين حريز واسطة، ومن حيث هو مسوٍّ يمكن أن يكون قد أسقط من بين حريز وعبد الرحمن بن ميسرة واسطة , ولقد زعم الدارقطني أنه كان يفعل هذا فى أحاديث الأوزاعي، يعمد إلى أحاديث رواها الأوزاعي عن أشياخ له ضعفاء، عن أشياخ له ثقات، فيسقط الضعفاء من الوسط، ويتركها عن الأوزاعي عن أشياخه الثقات، كأنه سمعها منهم، وهذا هو التسوية بإسقاط الضعفاء، وهو أقبح التسوية، فإنها على قسمين: إما بإسقاط الثقات، وإما بإسقاط الضعفاء، كما أن التدليس أيضاً، إما بإسقاط الثقات، وإما بإسقاط الضعفاء، فماكان من التدليس والتسوية بإسقاط الضعفاء ينقسم إلى قسمين: قسم هو إسقاط ضعفاء عنده وعند غيره، فهذا إذا فعله يكون به مجرحاً، وقسم هو إسقاط قوم ضعفاء عند غيره، ثقات عنده، وهذا لا يكون به مجرحاً.
ومن هذا القبيل هو قول الدارقطني المحكي عن الوليد بن مسلم، أعني أن يكون يسقط من بين الأوزاعي وبين أشياخه الثقات قوماً روى عنهم وهم عند الوليد ثقات، وإن كان غيره يضعفهم، فلا يكون بعمله المذكور مضعفاً والله أعلم. (1)

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير