تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

نفهم من كلام الحاكم – رحمه الله – أن هناك نوعين من الشهرة: شهرة شخص الراوي وهذه تنفي عنه جهالة العين، وشهرته بالطلب وهذه تنفي عنه جهالة الحال، وقد أشار الحاكم إلى أن راوي الصحيح لا بد أن يكون معروفا بطلب العلم، وقد استظهر الحافظ ذلك من صنيع الإمامين البخاري ومسلم في صحيحيهما، فكل رواة الصحيحين مشهورون بطلب العلم، وقد تداول أحاديثهم الحفاظ، وحيث يكون الراوي مقلا ولم يتداول الحفاظ حديثه يكون ذلك الحديث الذي يرويه عنه أصحاب الصحاح قد تعددت طرقه وانتشرت فيكون ذلك قائما مقام الشهادة بثقته وضبطه.

ومع هذا نجد بعض رواة البخاري قد وصفوا بالجهالة من طرف بعض أئمة الجرح والتعديل، فما مدى تحقق هذا الوصف في هؤلاء الرواة؟

قال الحافظ - رحمه الله -: " أما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح لأن شرط الصحيح أن يكون راوية معروفاً بالعدالة، فمن زعم أن أحداً منهم مجهول، فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه غير معروف، ولا شك أن المدعى لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفتهن لما مع المثبت من زيادة العلم، ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحداً ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلاً " (10).

وفيما يلي تراجم هؤلاء الرواة:

1 - أحمد بن عاصم البلخي: معروف بالزهد والعبادة، له ترجمة في حلية الأولياء، وقد ذكره ابن حبان فقال: روي عه أهل بلده، وقال أبو حاتم الرازي: مجهول، روي عنه البخاري حديثا واحدا في كتاب الرقاق، وهو في رواية المستملي وحده (11).

2 - إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي المدني: قال ابن القطان الفاسي: لا يعرف حاله (12)، وفي ما قاله نظر فان إبراهيم هذا قد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين وروى عنه أيضا ولده إسماعيل والزهري (13) وليس له في صحيح البخاري إلا حديثا واحدا في كتاب الاطعمة في دعائه صلى الله عليه وسلم في تمر جابر بالبركة حتى أوفى دينه (14)، وهو حيث مشهور له رق كثيرة عن جابر منها (15): عامر الشعبي عن جابر من طريق زكريا بن زائدة. أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.

ومن طريق مغيرة عن الشعبي، أخرجه البخاري في كتاب البيوع، ومن طريق فراس عن الشعبي، أخرجه البخاري في كتاب الوصايا. ويرويه عن جابر أيضا، ابن كعب بن مالك، أخرجه البخاري في الاستقراض والهبة، ويرويه عن جابر نبيح العنزي، أخرجه الإمام احمد.

ومما سبق يتبين أن جهالة إبراهيم بن عبد الرحمن المخزومي - على التسليم بها – لا تضر في صحة هذا الحديث لكثرة طرقه، واشتهار مخرجه، وهذا يؤيد ما نقلته عن الحافظ من أن كثرة الطرق يستغني بها عن شهرة الراوي بالطلب عند الشيخين.

3 - أسامة بن حفص المدني: قال الحافظ: ضعفه الأزدي، وقال أبو القاسم اللالكائي: مجهول. له في الصحيح حديث واحد في الذبائح (16) بمتابعة أبي خالد الأحمر والطفاوي. وقرأت بخط الحافظ الذهبي في ميزانه "ليس بمجهول فقد روي عنه أربعة" (17). والظاهر من حال أسامة بن حفص أنه غير مشهور بالرواية، وذلك أن الإمام البخاري لما ذكره في تاريخه لم يزد على ما في هذا الإسناد حيث قال: " أسامة بن حفص المدني، عن هشام بن عروة، سمع منه محمد بن عبيد الله (18) ". ولم يذكره ابن أبي حاتم في كتابه (الجرح والتعديل).

ويظهر من صنيع الإمام البخاري انه لم يحتج به لأنه اخرج هذا الحديث من رواية الطفاوي وغيره (19) ويؤخذ من صنيعه أيضا انه وان اشترط في الصحيح أن يكون الراوي من أهل الضبط والإتقان، انه وان كان في الراوي قصور عن ذلك ووافقه على رواة ذلك الخبر من هو مثله أنجبر ذلك القصور بذلك، وصح الحديث على شرطه (20).

4 - أسباب أبو اليسع: قال أبو حاتم فيه: مجهول، روى له البخاري حديثا واحدا في البيوع من روايته عن هشام الدستوائي مقرونا (21).

5 - بيان بن عمرو البخاري العابد: شيخ البخاري، اثني عليه ابن المديني ووثقه ابن حبان وابن عدي، وقال أبو حاتم: مجهول. قال الحافظ: ليس بمجهول من روى عنه البخاري وأبو زرعة، وعبد الله بن واصل ووثقه من ذكرنا (22)، فمثل هذا لا يصح أن يطلق عليه لفظ " مجهول" لأن من عرفه عرف حاله حجة على من لم يعرفه ويخبر حاله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير