وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ؛ رواهُ مُحمّدُ بنُ أبِي عدِيٍّ، عن مُحمّدِ بنِ عمرٍو، عنِ ابن شِهابٍ الزُّهرِيّ، عن عُروة، عن فاطِمة، أنَّ النّبِيّ قال لها: إِذا رأيتِ الدّم الأسود فأمسِكِي عنِ الصّلاةِ، وإِذا كان الأحمر فتوضّئِي.
فقال أبِي: لم يُتابِع مُحمّدُ بنُ عَمرٍو على هذِهِ الرِّوايةِ، وهُو مُنكرٌ.
ولاحظ اخي - رعاك مولاك - كيف اطلق ابو زرعة لفظ المنكر ايضا على مخالفة الثقة
علل الحديث لابن أبي حاتم - (1/ 74)
197 - وسألتُ أبِي، وأبا زُرعة، عَن حدِيثٍ؛ رواهُ يُوسُفُ بنُ عدِيٍّ، عن عثّامٍ، عن هِشامِ بنِ عُروة، عن أبِيهِ، عن عائِشة: أنَّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم كان إِذا تعارّ مِن اللّيلِ، قال: لا إِله إِلاَّ اللَّهُ الواحِدُ القهّارُ، ربُّ السّمواتِ والأرضِ وما بينهُما العزِيزُ الغفّارُ.
قالا: هذا خطأٌ، إِنّما هُو هِشامُ بنُ عُروة، عن أبِيهِ أنّهُ كان يقُولُ هذا رواهُ جرِيرٌ هكذا.
وقال أبُو زُرعة: حدّثنا يُوسُفُ بنُ عدِيٍّ هذا الحدِيث، وهُو مُنكرٌ.
فالذي خالف هنا هو يوسف بن عدي وهو ثقة عند ابي زرعة نفسه
قال المزى: قال أبو زرعة: ثقة، ذهب إلى مصر فى التجارة و مات بها.
و ذكره ابن حبان فى كتاب " الثقات "، و قال: مات سنة اثنتين و عشرين و مئتين 0
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 11/ 418: قال مسلمة فى " الصلة ": كوفى ثقة، نزل مصر. روى عنه من أهل بلدنا: بقى ابن مخلد و محمد بن وضاح
2 - سؤالك هل استطيع ان استنبط معنى الشاذ من كلام المتقدمين؟ يا اخي المسألة ليست استنباط معنى المصطلحات من كلام المتقدمين فلقد ذكرت لك في المشاركة السابقة انه لا يستنكر وضع بعض التعاريف والمعاني لبعض المصطلحات, لكن المسألة في امرين
- الا نتخذ تلك التعريفات حدية او بالمعنى الذي يريده المناطقة بحيث لو خالف احد الباحثين سارعنا الى الرد عليه وتخطئته
-ان نفهم مراد المتقدمين عندما اطلقوا تلك الالفاظ, هل هذه المعاني التي انتشرت بين المتأخرين كانت حاضرة في اذهان المتقدمين ام انهم اطلقوها كأوصاف يعبرون بها عن الاخطاء التي ظهرت لهم في الحديث؟
3 - بناءا على ما سبق ليست المشكلة في وضع تعريف تقريبي لبعض الالفاظ الواردة في كلام النقاد بل المشكلة في تلك الحدود المنطقية التي - وللاسف - انتشرت في علم مصطلح الحديث
4 - قولك انه لا فرق بين الصحيح والحسن وان الحسن صحيح فهذا هو المراد من كلامي السابق وهو كلام في غاية الدقة, لكن بشرط وجود الموافقة لحديث الصدوق اما عند المخالفة فحديثه ضعيف وفي حالة التفرد فيستحسن اطلاق الحسن على حديثه من باب تمييزه وانه ليس في اعلى درجات الصحة, على انه لا اختلاف عمليا بينه وبين الصحيح
5 - قولك ان المتقدمين لسوا معصومين وهم يستدرك عليهم كغيرهم, فأقول: نعم يستدرك عليهم. لكن فيما الاستدراك؟ ومن هو المستدرك؟
اولا: يستدرك على المتقدمين في اوجه مختلفة كتصحيح حديث بان بما لا يدع مجالا للشك انه ضعيف, لكن ان نستدرك عليهم استخدام احدهم للفظ عبر فيه عن الخطأ الذي ظهر له في الحديث لكونه مخالف للمعنى الذي سطره المتأخرون - والذي يفترض انهم استنبطوه من كلام المتقدمين - فهذا في غاية الغرابة فمثلا لو قيل لك نريد منك ان تستنبط معنى حسن صحيح عند الترمذي ثم قمت بإجراء دراسة وخرجت بتعريف لهذا المصطلح وبان بعد ذلك وجود اختلاف بين المعنى المتوصل اليه وبين تطبيقات الترمذي فمن الذي نستدرك عليه انت ام الترمذي؟
ثانيا: يفترض بمن يستدرك على المتقدمين ويرد عليهم ان يكون متأهلا وحافظا ولذلك يجب التريث والتأني قبل ان نحكم بتخطئة المتقدمين كونهم سبروا الروايات وعرفوا كل شاردة وواردة فلا يطلقون الحكم على الحديث الا بعد تمعن ودراسة معمقة
وانا اقول ان العصور الاسلامية ما خلت ابدا من امثال هؤلاء الحفاظ لكن على قلة وربما - احيانا - على ندرة
6 - قولك ان عبارتي ليست واضحة فيما يتعلق بأنه ان كان هناك استدراك فينبغي ان يكون على المتأخر واستغرابك بأن ذلك لا يكون لآن المتأخر يستدرك على المتقدم وليس العكس, اقول - غفر الله لك - كيف فهمت هذا من كلامي؟ يا اخي مرادي اننا اذا اردنا ان نستدرك نحن فينبغي ان يكون على المتأخر وذلك لكون المتأخر يستنبط معنى مصطلحات المتقدمين من كلام المتقدمين, ام العكس فكأننا نقول للمتقدمين أخطأتم في هذا اللفظ لأنه مخالف لما استقر عليه المعنى عند المتأخرين
والله اعلم وهو يهدي السبيل
اللهم اغفر لنا وارحمنا وانت خير الراحمين