تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعلى ذلك يكون معنى الأحاديث مجموعةً كما لو كانت حديثا واحدا، بلفظ:لا يجوز للمرأة في مالها عطية أو هبة إذا ملك زوجها عصمتها إلا بإذنه باستثناء الصدقة والعتاق وصلة الأرحام فيجوز لها ذلك من غير احتياج إلى إذن الزوج، وهذا الوجه قريب من الوجه الثالث لكن بينهما فرق.

الوجه الخامس:أن يقال إن حديث الباب يدل على منع المرأة من التصرف بدون الرجوع إلى زوجها، بينما الأدلة الأخرى تدل على جواز ذلك، فيقال على هذا:يستحب للمرأة استئذان زوجها في العطية والهبة والصدقة ونحو ذلك من قبيل حسن العشرة، ويكره لها فعل ذلك بغير إذنه، فإن فعلت من غير استئذان جاز ذلك مع الكراهة

وأقوى الوجوه عندي الثالث والرابع، وبنحو من ذلك قال الشوكاني رحمه الله تعالى:"والأولى أن يقال:يتعين الأخذ بعموم حديث عبد الله بن عمرو (حديث الباب)، وما ورد من الواقعات المخالفات له تكون مقصورة على مواردها، أو مخصصة لمثل من وقعت له من هذا العموم "، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله تعالى في موضع متأخر في فتح الباري ما يدعم ما ذكرته هنا اختيارا، فقد ذكر في شرح حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما الذي أخرجه البخاري ونصه قالت:"قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ? فاستفتيت رسول الله ? قلت:قدمت أمي وهي راغبة، أفأصل أمي؟ قال:نعم صلي أمك"، قال ابن حجر رحمه الله تعالى:"قال ابن بطال:فقه الترجمة من حديث أسماء أن النبي ? أباح لأسماء أن تصل أمها، ولم يشترط في ذلك مشاورة زوجها، قال:وفيه حجة لمن أجاز للمرأة أن تتصرف في مالها بدون إذن زوجها" وقد تعقبه ابن حجر بقوله:"كذا قال، ولا يخفى أن القول بالاشتراط إن ثبت فيه دليل خاص، يقدم على ما دل عليه عدم التقييد في حديث أسماء"، فهنا يقدم ابن حجر الدليل الخاص باشتراط إذن الزوج-لو ثبت هذا الدليل-على ما يستفاد من حديث أسماء أنه لم يشترط عليها ذلك، وقد ثبت الدليل الخاص وهو حديث الباب.

وبالنظر في حديث أسماء يظهر أن سؤالها إنما هو عن حكم صلة الأم المشركة، هل تجوز صلتها لأنها رحم، والشرع قد جاء بصلة الأرحام؟ أم لا تجوز صلتها لأنها مشركة وليس هناك ولاء بين المسلمين والمشركين؟، وهذا أعم من أن يكون السؤال عن صلتها بإذن الزوج أو بغير إذن الزوج، وقد بين لها الرسول ? أن شرك أمها لا يمنعها من أن تصل رحمها لقوله تعالى:"لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" وأما استئذان الزوج أو عدمه فإنما يؤخذ من أدلة أخرى.

هدايا الجيران:

يشرع للمرأة أن تهدي لجاراتها، وذلك لما للهدية من وقع حسن في النفوس، فهي تفعل فعلا عجيبا في محبة الناس بعضهم بعضا، وفي تآلفهم وإذهاب الضغائن من نفوسهم، وهذا ولا شك من المقاصد الشرعية التي تعمل الشريعة على تحقيقها بين المسلمين، وتقوية أسبابها، وإضعاف مفسداتها، أو معوقاتها، ولذلك جاء عن الرسول ? قوله:"يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فِرْسِنَ شاة" قال ابن حجر:"فرسن بكسر الفاء والمهملة بينهما راء ساكنة وآخره نون، هو عظم قليل اللحم وهو للبعير موضع الحافر للفرس، ويطلق على الشاة مجازا، ونونه زائدة وقيل أصلية، وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله، لا إلى حقيقة الفرسن لأنه لم تجر العادة بإهدائه، أي لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله، بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلا، فهو خير من العدم، وذكر الفرسن على سبيل المبالغة، ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع للمهدي إليها، وأنها لا تحتقر ما يهدى إليها ولو كان قليلا، وحمله على الأعم أولى من ذلك ... وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير، لأن الكثير قد لا يتيسر في كل وقت، وإذا تواصل اليسير صار كثيرا، وفيه استحباب المودة وإسقاط التكلف" وقال في شرحه في موضع آخر:"أي لا تحقرن أن تهدي إلى جارتها شيئا، ولو أنها تهدي لها ما لا ينتفع به في الغالب، ويحتمل أن يكون من باب النهي عن الشيء أمر بضده، وهو كناية عن التحابب والتوادد، فكأنه قال:لتوادد الجارة جارتها بهدية ولو حقرت، فيتساوى في ذلك الغني والفقير، وخص النهي بالنساء لأنهن موارد المودة والبغضاء، ولأنهن أسرع انفعالا في كل منهما، وقال الكرماني:يحتمل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير