[بحثي في هشام بن عروة، لمن أراد الإستفادة منه]
ـ[الزيادي]ــــــــ[18 - 06 - 07, 02:56 ص]ـ
هشام بن عروة: هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي, أبو المنذر وقيل: أبو عبد الله، المدني. توفي سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل: ست وأربعين ومائة.
? وثقه يحيى بن معين وأبو حاتم وابن سعد والعجلي والدارقطني، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: كان حافظاً متقناً ورعاً فاضلاً.
قلت: قد رمي بأمرين اثنين.
الأول: التغير.
? قال أبو الحسن بن القطان: تغير قبل موته.
? قال: الذهبي في الميزان (7/ 75): هشام بن عروة أحد الأعلام حجة إمام، لكن في الكبر تناقص حفظه، ولم يختلط أبدا، ولا عبرة بما قال أبو الحسن بن القطان من أنه وسهيل بن أبي صالح اختلطا وتغيرا, نعم الرجل تغير قليلاً ولم يبق حفظه كما هو في حال الشبيبة فنسي بعض محفوظه أو وهم, فكان ماذا!! أهو معصوم من النسيان, ولما قدم العراق في آخر عمره حدث بجملة كثيرة من العلم, في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع وللكبار الثقات, فدع عنك الخبط وذر خلط الأئمة الأثبات بالضعفاء والمخلطين، فهشام شيخ الإسلام، ولكن أحسن الله عزاءنا فيك يا بن قطان.
? وقال ابن حجر في التهذيب (9/ 56): وقال أبو الحسن بن قطان: تغير قبل موته، ولم نر له في ذلك سلفاً.
? قال المعلمي في التنكيل (1/ 502): ولم يذكروا في ترجمته شيئا نسب فيه إلى الوهم إلا ما وقع له مرة في حديث أم زرع، والحديث في " الصحيحين " وغيرهما عنه عن أبيه عن عائشة قالت: " جلس إحدى عشرة امرأة ..... " فساقت القصة بطولها. وفيها ذكر أم زرع, وفي آخره: " قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع ".
وهذا السياق صحيح اتفاقا، ولكن رواه هشام مرة أخرى فرفع القصة كلها, وقد توبع على ذلك كما في الفتح، ولكن الأول أرجح.
واستدل بعضهم على رفع القصة كلها بأن المرفوع اتفاقا وهو قوله صلى الله عليه وسلم "كنت لك كأبي زرع لأم زرع " مبني على القصة, فلا بد أن يكون صلى الله عليه وسلم بدأ فذكر القصة ثم بنى عليها تلك الكلمة, أو بدأ بتلك الكلمة فسألته عائشة، فذكر القصة.
أجيب باحتمال أن تكون القصة كانت مما يحكيه العرب, وكان صلى الله عليه وسلم قد سمعهم يحكونها وعلم أن عائشة قد سمعتها فبنى عليها تلك الكلمة.وعلى كل حال فهذا وهم يسير قد رجع عنه هشام. ا. هـ
الثاني: التدليس.
? قال يعقوب بن شيبة: ثقة, ثبت, لم ينكر عليه شيء إلا بعدما صار إلى العراق فإنه انبسط في الرواية عن أبيه فأنكر ذلك عليه أهل بلده, والذي نرى أن هشاما تسهل لأهل العراق أنه كان لا يحدث عن أبيه إلا بما سمعه منه، فكان تسهله أنه أرسل عن أبيه مما كان يسمعه من غير أبيه عن أبيه.
? وقال ابن خراش: كان مالك لا يرضاه, وكان هشام صدوقاً تدخل أخباره في الصحيح، بلغني أن مالكا نقم عليه حديثه لأهل العراق, قدم الكوفة ثلاث مرات, قدمة كان يقول: حدثني أبي قال: سمعت عائشة، وقدم الثانية فكان يقول: أخبرني أبي عن عائشة, وقدم الثالثة فكان يقول: أبي عن عائشة، سمع منه بآخرة وكيع وابن نمير ومحاضر.
? قال المعلمي في التنكيل (1/ 502) بعد أن ذكر كلام يعقوب بن شيبة قال: وجاء عن ابن خراش ما يفهم منه هذا المعنى وقد تفهم منه زيادة لا دليل عليها فلا تقبل من ابن خراش، وعده ابن حجر في الطبقة الأولى من المدلسين وهى طبقة من لم يوصف بذلك إلا نادراً
والتحقيق: أنه لم يدلس قط, ولكن كان ربما يحدث بالحديث عن فلان عن أبيه فيسمع الناس منه ذلك ويعرفونه ثم ربما ذكر الحديث بلفظ: " قال أبي " أو نحوه اتكالا على أنه قد سبق منه بيان أنه إنما سمعه من فلان عن أبيه، فيفتن بعض الناس حكايته الثانية فيروى ذلك الحديث عنه عن أبيه لما فيه من صورة العلو, مع الاتكال على أن الناس قد سمعوا روايته الأولى وحفظوها،
وفي مقدمة: " صحيح مسلم " ما يصرح بأن هشاما غير مدلس, وفيه أن غير المدلس قد يرسل وذكر لذلك أمثلة, منها حديث رواه جماعة عن هشام" أخبرني أخي عثمان بن عروة عن عروة، ورواه آخرون عن هشام عن أبيه ومع هذا فإنما اتفق هشام مثل ذلك نادرا, ولم يتفق إلا حديث يكون بينه وبين أبيه ثقة لاشك فيه كأخيه عثمان ومحمد بن عبد الرحمن بن نوفل يتيم عروة والله الموفق ". ا. هـ
تهذيب الكمال (7/ 409)، ميزان الإعتدال (7/ 85)، تهذيب التهذيب (9/ 56)، تقريب التهذيب (1022)، نهاية الإغتباط بمن رمي من الرواة بالإختلاط (ص 359)، التنكيل (1/ 502). كتبه: محمد بن زايد الزيادي.