تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهذه ـ أيضاً ـ متابعة أبي قتادة الحراني، قد آلت إلى حديث خالد بن عمرو، فثبت أن الحديث حديث خالد هذا، وأنه متفرد به عن الثوري، وأن من رواه عن الثوري سواه، إنما أخذه عنه (6).

وقد جاء لهذا الحديث شاهد أيضاً من حديث أنس بن مالك؛ لكنه معلول.

رواه إبراهيم بن أدهم، واختلف عليه:

فرواه: أبو حفص عمر بن إبراهيم المستملي: ثنا أبو عبيدة بن أبي السفر: ثنا الحسن بن الربيع: ثنا المفضل بن يونس: ثنا إبراهيم بن أدهم، عن منصور، عن مجاهد، عن أنس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " (8/ 41)، وقال:

" ذكر " أنس " في هذا الحديث وهم من عمرو أو أبي أحمد (7)؛ فقد رواه الأثبات عن الحسن بن الربيع، فلم يجاوز فيه: مجاهداً ".

ورواه: أبو سليمان ابن زبر الدمشقي في " مسند إبراهيم بن أدهم " من رواية معاوية بن حفص، عن إبراهيم بن أدهم، عن منصور، عن ربعي ابن حراش، عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ مرسلاً.

فجعله عن " ربعي "؛ لا عن " مجاهد ".

ذكره: ابن رجب في " جامع العلوم والحكم " (2/ 176).

ورواه: علي بن بكار، عن إبراهيم بن أدهم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا معضل؛ ليس فيه " منصور " ولا " ربعي ".

أخرجه: ابن أبي الدنيا في " ذم الدنيا " ـ كما في " جامع العلوم " لابن رجب.

وتابعه: طالوت على ذلك.

قاله: أبو نعيم في " الحلية " (8/ 42).

فتبين؛ أن هذا الشاهد، لا يصح موصولاً، وأن الصواب فيه الإرسال، أو الإعضال.

هذا؛ وقد ذكر الشيخ الألباني ـ أكرمه الله تعالى ـ هذه الطرق في " السلسلة الصحيحة "، (944)، وبين عللها، ثم قال:

" قد تقدم حديث سفيان من طرق عنه، وهي وإن كانت ضعيفة، ولكنها ليست شديدة الضعف ـ باستثناء رواية خالد بن عمرو الوضاع ـ؛ فهي لذلك صالحة للاعتبار، فالحديث قوي بها، ويزداد قوة بهذا الشاهد المرسل؛ فإن رجاله كلهم ثقات ".

قلت: وفي كلام الشيخ نظر؛ فإن رواة هذا الحديث عن سفيان ـ غير خالد بن عمرو ـ كلهم ضعفاء، ومنه من هو ضعيف جداً، ولم يتابعهم واحد من الثقات من أصحاب الثوري، وهذا مما لا يحتمل، فإن كثرة الرواة للحديث مشعرة بشهرته، فكيف يشتهر الحديث عن سفيان، ولا يجئ من رواية أصحابه الثقات، الملازمين له، والعارفين بحديثه؟!

وقد سبق إنكار الأئمة لهذا الحديث عن الثوري، على كل من رواه عنه؛ لاسيما قول العقيلي " ليس له من حديث الثوري أصل "، وقول ابن عدي: " هذا الحديث عن الثوري منكر "، وقول أبي حاتم: " هذا حديث باطل بهذا الإسناد ".

فالحديث؛ ليس من حديث الثوري أصلاً.

على أنه لو كان من رواه عن الثوري ـ غير خالد ـ ثقةً؛ لما صح؛ ـ والحالة هذه ـ أن تصحح رواياتهم، أو يقوى بعضها بعضاً؛ لما سبق من أن كل من رواه عن الثوري ـ غير خالد ـ، إنما أخذه عن خالد، ثم دلسه، فعاد الحديث حينئذ إلى خالد الوضاع، وصارت هذه المتابعات صورية، لا حقيقة لها في الواقع، فكيف وهو ضعفاء؟!

وقد سبق الإشارة إلى أن الشيخ الألباني ـ حفظه الله ـ قد أعل هذه المتابعات بتلك العلة، وأنه قال في متابعة أبي قتادة الحراني ما نصه:

" يحتمل احتمالاً قوياً أن يكون تلقاه عن خالد بن عمرو، ثم دلسه، كما قال ابن عدي (8) في متابعة ابن كثير ".

وأما المرسل المذكور؛ فلو صح أنه مرسل، وليس معضلاً كما في بعض الروايات، لما صلح أيضاً لتقوية الحديث؛ لتقاعد الروايات الأخرى عن حد الاعتبار.

بل الظاهر؛ أن هذا المرسل هو أصل هذا الحديث، وأنه لا يصح إلا مرسلاً (9).


هوامش الشيخ طارق:
(1) كما في " المنتخب من علل الخلال " (رقم: 1) بتحقيقي.
(2) في " الضعفاء " له (2/ 11).
(3) في " الكامل " (3/ 902).
(4) ووقع الحافظ ابن حجر ـ عليه رحمة الله ـ في مثل هذا، في حديث عائشة في كفارة المجلس، فقال في " النكت على ابن الصلاح " (2/ 734):
" أخرجه: أبو أحمد العسال في " كتاب الأبواب "، من طريق عمرو بن قيس، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ؛ وإسناده حسن ".
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير