تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذه الآية ووجه الاستدلال بها، يعني: أن البناء على القبور وقع من اليهود والنصارى على قبور أنبيائهم وصالحيهم، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن هذه الأمة ستتبع سنن من كان قبلها حذو القذة بالقذة، فلا بد أن يقع البناء على القبور في هذه الأمة كما وقع في الأمم التي قبلنا، والبناء على القبور من وسائل الشرك، ومن المحرمات التي جاءت فيها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا هو وجه الاستدلال بالآية، ووجه مطابقتها للترجمة. [والمراد أنهم فعلوا مع الفتية بعد موتهم ما يذم فاعله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أبنيائهم مساجد) أراد تحذير أمته أن يفعلوا كفعلهم]. ......

قوله صلى الله عليه وسلم: (لتتبعن سنن من كان قبلكم .. ) وعلاقته بالشرك

قال المصنف رحمه الله تعالى: وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا يا رسول الله! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) أخرجاه]. هذا الحديث مخرج في الصحيحين ولكن بغير هذا اللفظ والمعنى واحد، والآية التي ذكرها قبل هذا واضحة الدلالة مع ذكر الحديث أنها تدل على الذم، يعني: ذم هؤلاء الذين غلبوا على أمر قومهم؛ يعني: لأنهم الكبراء والوجهاء فبنوا عليهم المسجد، فالآية سيقت على وجه الذم، وليس كما يقول من فتن بالقبور وبعبادة أصحابها والبناء عليها: إن الآية تدل على جواز البناء على القبور؛ لأن كلام الله جل وعلا مع كلام رسوله لا يتعارضان، بل يؤيد أحدهما الآخر، ويبينه ويوضحه، وقد أخبرنا ربنا جل وعلا أنه أنزل على رسوله الوحي ليبين ما نزل إليه للناس، وقد بين ذلك، والذي يقول مثلاً أن الآية تدل على الجواز هو مغالط، فهذا كلام مغالطة ومحادة لله جل وعلا، ولرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد يقول جاهل هذا القول: الآية تدل على ذلك؛ لأن الله ذكر هذا عنهم، وما ذكر عن شرع من كان قبلنا يكون شرعاً لنا، هذا لا يكون صحيحاً بل هذه مغالطة، والله ذكر ذلك على سبيل الواقع منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم بين أن هذا لا يجوز، وأن فعلهم مذموم، فيجب أن يعلم هذا وأن يعتقد؛ بأنه على سبيل الذم وليس على سبيل الجواز. حديث أبي سعيد هذا: (لتتبعن ... ) ابتدأه صلى الله عليه وسلم باللام، اللام التي وقعت في جواب القسم، وهذا هو الصواب أنها وقعت في جواب القسم، والتقدير: والله لتتبعن، ومن المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخبر بخبر فإنه صدق وحق؛ لأنه كما قال الله جل وعلا عنه: لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، يوحيه الله جل وعلا إليه. وكذلك إذا أخبر الله جل وعلا بشيء فإنه صدق وحق بلا ريب، فيأتي القسم لزيادة التأكيد، والمؤكدات سواء كان قسماً أو كان تأكيداً لفظياً، أو تكراراً أو غير ذلك، واهتمامي بهذا الموضوع ولفت الأنظار إليه ليعلم هذا أنه واقع لا محالة. والسنن: هي الطرق -ويجوز أن تكون (سُنن وسَنن) - التي يسلكونها، وتخص بأمور الدين التي يتعبدون بها أو يعتقدونها. وقوله: (من كان قبلكم) هذا مجمل؛ لأنه إذا قيل: (من كان قبلنا) يشمل كل الذين قبلنا، ولهذا استفسر الصحابة عن ذلك وقالوا: من تريد؟ من هم الذين قبلنا .. اليهود والنصارى؟ فقال: فمن؟ يعني: أن هذا هو المراد، وهذا لا ينافي أو يخالف ما جاء في الرواية الأخرى، وهي رواية صحيحة أيضاً: (أهم فارس والروم؟ فقال: ومن الناس إلا أولئك) يعني: من المقصود إلا فارس والروم، المقصود يريد أن يخبر أن هذه الأمة ستتبع الذين قبلهم من الأمم القريبة منهم، مثل اليهود والنصارى وفارس والروم وغيرهم، وجاء في بعض الآثار الأعاجم أيضاً. فكل لفظ يدل على ما يدل عليه الآخر إلا أنه يدل على أنه لم يرد أمة معينة بخصوصها غير أن هؤلاء هم الذين لهم كلمة ولهم دين، ولهم كيان وقد يقتدى بهم، وينظر إليهم، فبين أن هذا هو المراد. وقوله: (حذو القذة بالقذة) المعنى أنكم تسيرون خلفهم، فكل ما فعلوه سوف تفعلونه دقيقاً أو كبيراً، لا تخطئون شيئاً مما فعلوا، فقوله: (حذو القذة بالقذة) كقولك: خطوة خطوة. بل كقولك: إنك تفعل هذا كما يفعل فلان هذا الشيء تماماً بلا زيادة ولا نقصان. والقذة: هي ريشة السهم، وريشة السهم غير معروفة لنا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير