[الإقراء في الجزائر، مراجعة، مدارسة، أشهر المؤلفين فيه]
ـ[العوضي]ــــــــ[01 - 12 - 07, 11:45 ص]ـ
أ. مسعود بولجويجة
إن العناية بالقرآن الكريم فرض على كل مسلم ومسلمة، وحفاظاً على النص القرآني وجبت العناية برسم المصحف وخطه وتلاوته حتى يوفق المسلمون إلى تلاوة القرآن كما أمر الله تعالى، مصداقاً لقوله تعالى: (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) [المزمل:4]، وكما تواتر عن النبي، وصحابته رواية وأداء ورسما. و قد حفظ الله تعالى كتابه بأن هيأ له رجالاً نذروا حياتهم لخدمة كتاب الله تعالى، من حيث لفظه وكتابته ورسمه وحفظه وتجويده، وهو ما أنبأ به تعالى في محكم تنزيله، فقال (إِنا نحْنُ نزَّلنا الذِّكْرَ وَإِنَّا لهُ لَحَافِظُونَ) [الحجر:9].فالتوفر على خدمة القرآن الكريم لم تنقطع منذ أنزله الله تعالى على نبيه طوال القرون التي مرّت على إنزاله، وهذا التوفر لم ينقطع إلى اليوم، وبعد اليوم إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين.
اهتمام علماء الجزائر بعلم القراءات
ومن الذين نذروا حياتهم لخدمة القرآن الكريم حتى وصل إلينا قرآنا واحداً - بينما هناك أناجيل كثيرة - علماء جزائريون. فقد اهتم علماء الجزائر بعلم القراءات، فدرسوه في مساجدهم ومدارسهم وزواياهم، كما ألفوا فيه الكتب نثراً ونظما.
غير أن الجزائريين الذين تناولوا موضوع القراءات ورسم القرآن الكريم قلة نسبيا، مقارنة مع العلوم الأخرى كالفقه والتصوف والتفسير …وغيرها. ويرجع ضعف الاهتمام بالقراءات إلى أن علم القراءات من العلوم التي تحتاج إلى ثقافة واسعة وعميقة، فدارس القراءات يحتاج إلى ثقافة دينية ولغوية وبلاغية قوية حتى يقدم عليه بالإضافة إلى أن علم القراءات هو علم الخاصة لا العامة، وما يؤكد هذا الكلام ما روي عن الشيخ محمد التواتي أنه لما أراد أن يرتحل إلى زواوة لقراءة السبع، اجتمع إليه خواص البلد لإمساكه، وقالوا له: عندك ما يكفيك من العلم وهذا فرض كفاية، وانشغالك بتعليم أولاد المسلمين ربما يكون أرجح، فأجاب عن نفسه: بأنه فرض كفاية، تعين علي طلبه لما أحسست في نفسي من القابلية ورأيت غيري معرضاً عن أخذه وعدم القيام به، فترك، وارتحل إلى زواوة لتعلم القراءات على يد شيخه عبد الله أبي القاسم (1). ورغم ضعف الاهتمام بالقراءات ورسم القرآن الكريم لدى الجزائريين، إلا أننا لا نبالغ إذا قلنا إن الجزائريين كان لهم التبريز في التأليف فيه، كما سنرى.
مراجع الإقراء في الجزائر
لقد اشتهرت في الجزائر كتب في فن القراءات ألفها علماء جهابذة، وكانت محل ثقة عند الجميع، وقد تداولها المقرئون شرقا وغربا، وقد حاولنا حصر هذه الكتب التي كانت معتمدة في تدريس ودراسة القراءات وذلك في حلقات الدرس، أو عند الشرّاح والمعلقين على المصنفات خلال الفترات السابقة على بداية التأليف لدى الجزائريين، ولعل أشهر هذه الكتب التي شرحوها في دروسهم، أوعلقوا عليها أو اختصروها هي: منظومة الجزري، والخراز، وابن بري، والشاطبية ... الخ (2)، كما عرفت مراجع أخرى ولكنها أقل شهرة. وسأتعرض في هذه المداخلة لمرجعين هامين، وهما:
"الشاطبية": وهو العنوان المشهور بين الناس، واسمها الكامل "رز الأماني ووجه التهاني"، وهي نظم من تأليف الإمام الشاطبي (3)، والإمام الشاطبي هو أبو القاسم بن فيره بن خلف بن أحمد الشاطبي الأندلسي الضرير، ولد في آخر سنة 538 بشاطبة، حيث تلقى فيها القراءات وحذقها، ثم رحل إلى الحج وعند عودته استقر بالقاهرة وتصدر بها للإقراء، وحضر له أهل العلم من كل حدب وصوب ليتلقوا عنه علوم القرآن الكريم، وبالقاهرة نظم أربع قصائد:
الأولى:"حرز الأماني ووجه التهاني"، اختصر فيها كتاب "التيسير" في القراءات السبع لأبي عمرو الداني، وقد نظمها تسهيلا لحفظه.
الثانية:"عقيلة أتراب القصائد في بيان رسم المصاحف العثمانية" اختصر فيها كتاب "المقنع" للإمام الداني المذكور.
الثالثة: "ناظمة الزهر في علم الفواصل"، اختصر فيها كتاب "البيان في عد آي القرآن" للإمام الداني أيضا.
الرابعة: قصيدة دالية لخص فيها كتاب التمهيد لابن عبد البّر.
¥