تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

اشتهرت الجزائر كبقية البلاد الإسلامية بمقرئيها ومعاهدها المتخصصة في القراءات، وكان يقصدها الطلاب حتى من الأقطار المجاورة كتونس والمغرب الأقصى وغيرها من المناطق، وقد اشتهر الجزائريون بتدريس القراءات أكثر مما اشتهروا بالتأليف فيها، ومن أشهر المعاهد المتخصصة في القراءات: معهد زواوة، معهد تلمسان، معهد وهران … الخ، وسنتحدث عن بعضها في هذه المداخلة.

أولاً- معهد زواوة: و قد عرفت منطقة زواوة بالحذق في القراءات، حتى إنها كانت مقصودة للعلماء للإتقان والبراعة. فهذا الشيخ محمد بن مزيان التواتي، الذي ورد على قسنطينة من المغرب، وبها انتشر علمه وأقبلت عليه الطلبة، وانتفعوا به وكثر بحثه، وعلت عارضته وحصلت له مشاركة في الأصول والمنطق والبيان، حتى أصبح يلقب بسيبويه زمانه، ومع ذلك لم يستغن عن الذهاب إلى زواوة لتعلم القراءات السبع، فقد أخبر عنه تلميذه الفكون أنه بقي في زواوة حوالي عام ثم عاد "وقد حصلت له ملكة عظيمة ومعرفة تامة لعلم القراءات" (12) وكانت القراءات بمنطقة زواوة تدرس في الألواح كما يدرس القرآن الكريم.

فقد ذكر عبد الكريم الفكون بأنه زار يوما شيخه التواتي بسكناه، فخرج إليه وبيده لوح به ما يزيد عن الخمسين بيتا من الشاطبية الكبرى (13) ومن أشهر أساتذة القراءات بزواوة أواخر القرن الحادي عشر وأوائل القرن الثاني عشر: محمد بن صولة، الذي قرأ عليه العالم التونسي أحمد بن مصطفى برناز القراءات السبع أيضاً (14).

وقد عرفت زاوية سيدي عبد الرحمان اليلولي بزواوة بأنها معهد متخصص في تعليم القرآن الكريم وتفسيره، وتدريس القراءات بالروايات العشر المشهورة" حتى أن هيئتها المشرفة ومنذ عهد المؤسس لم تسمح بتدريس الفقه بحجة أن هذا العلم يمكن أن يشكل منافساً خطيراً على حساب حفظ القرآن الكريم والروايات" (15).

ثانياً- معهد تلمسان: ومن المعاهد التي عرفت بشدة اعتنائها بقراءات القرآن الكريم، هي معهد تلمسان فقد تواصلت الزيارات التي كان يقوم بها العلماء لتلمسان ومن المغرب خاصة، ومن الأندلس والمشرق الإسلامي نظراً لشدة عنايتهم بعلوم القرآن، وفي مقدمتها القراءات ورسم المصاحف.

و في البستان إشارات إلى بعض العلماء الذين اشتهروا بتدريس القراءات وحذقها من ذلك ما رواه ابن مريم من أن محمد الحاج المناوي قد تصدر للتدريس في عدة علوم، ولكنه مهر خصوصا في القراءات (16). وكان للعلامة أبي الحسن علي الأنصاري المتوفى شهيدا بالطاعون عام 1054هـ، درس في القراءات بتلمسان، وكان يشرح فيه ابن بري، وقد ترك مؤلفا في شرح "الدرر اللوامع" لأبي الحسن ابن بري (17). وأعظم درس في تلمسان في القراءات كان يشرف عليه محمد بن مرزوق الحفيد المتوفى سنة 842هـ، وقد كان يشرح فيه "الشاطبيتين" تفقها، و"ابن بري" وقد ترك تأليفا تحت عنوان"أرجوزة ألفية في محاذاة الشاطبية" (18).

ثالثاً- معهد القلعة بغليزان: من المعاهد المتخصصة في رسم القرآن الكريم وخطه، معهد القلعة وهي قلعة بني راشد، وكانت تسمى قلعة هوارة، إذ قبيلة هوارة هي التي أسستها في القرن الخامس الهجري، وكانت القلعة منذ أقدم العصور معلومة بقراءة القرآن، وسائر فنون العلم من حديث وتفسير قرآن وحساب وفرائض ونحو وتوحيد ومنطق وبيان، وبديع ومعاني واستعارات وأصول وشعر، وغير ذلك.

و لكن شهرة القلعة اكتسبت من خلال تخصصها في علوم القرآن من تفسير وقراءات، وكتابة المصاحف بخطوط جميلة معتمدة في ذلك على علم رسم القرآن الكريم، وضبطه.

فهذا الإمام سيدي عبد القادر بن يسعد المتوفى سنة 1055هـ بقلعة بني راشد، كان يأمر بكتابة نسخ المصحف الشريف ورسمه، وكان يجلب له النسّاخ من الأندلس والمغرب ويوظفهم في نسخ وكتابة المصاحف، وذلك لحذقهم في هذا الفن، حتى أصبحت القلعة بحق مدرسة متخصصة في رسم وضبط المصحف الشريف.

مشاهير المؤلفين في القراءات في الجزائر

لقد اشتهر في علم القراءات علماء جهابذة، تركوا العديد من التآليف، إلا أن أكثر هذه التآليف لا تزال مخطوطة أو في حكم المفقودة، وسأذكر هنا في هذه المداخلة أشهر المؤلفين مع الإشارة إلى تآليفهم فقط، وأشهر المؤلفين في القراءات هم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير