تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك إن كانت محركة بالكسر جعلت بين الهمزة والياء على التفسير المتقدم، وان كانت مضمومة جعلت بين الهمزة والواو على ما تقدم.

وهذا كله تحكمه المشافهة، ويقال في ذلك كله تسهيل وتليين، ويقال تسهيل على مذاق الهمزة، ويقال همزة بين بين، والمراد ما تقدم.

فإن قيد التسهيل فالمراد به اذ ذاك المعنى الذي يقتضيه التقييد، فيقال تسهيل بالبدل، وتسهيل بالنقل، وتسهيل بالحذف" ().

والألقاب التي يترجم بها عن التسهيل بالمعنى المطلق هي أربعة عند ابن أبي السداد ـ كما رأينا ـ، ولكن أبا عمرو قال في "الايضاح في الهمزتين":

"والعلماء من القراء والنحويين يترجمون عن همزة بين بين بست تراجم، كلها تؤدي عن معنى واحدا، وهي مخففة، ومسهلة، وملينة، ومذابة، ومدغمة، ومبدلة، ().

وقد تتبعت عبارات ابي عمرو عن التسهيل في سائر كتبه التي ينقل عنها المنتوري وابن القاضي في باب الهمزتين، وقد سقت من النقول عنها الكثير فيما تقدم في هذا الباب، فلم اجده يزيد كلما ذكر التسهيل على ما تقدم من أنها مخففة أو مسهلة بين بين أو ملينة الخ، ولم أجد من بينها عبارة يمكن حملها ولو بنوع من الاحتمال على ما ذكره أبو وكيل ميمون الفخار من جواز إبدالها هاء.

قوله في التحديد في الاتقان والتجويد:

والعبارة الوحيدة التي وقفت عليها تنحو ذلك بضرب من التأويل هي العبارة التي ذكره ابو عمرو في "كتاب التحديد لصناعة الإتقان والتجويد" فقد وجدته يقول عند ذكره للهمزة المسهلة:

"والهمزة إذا سهلت وجعلت بين بين أشير اليها بالصدر إن كانت مفتوحة، وان كانت مكسورة جعلت كالياء المختلسة الكسرة، وإن كانت مضمومة جعلت كالواو المختلسة الضمة من غير إشباع، وتلك الكسرة والضمة هي التي كانت مع الهمزة، إلا أنها مع الهمزة أشبع منها مع الحرف المجعول خلفا منها. قال:

"ومعنى "بين بين" أي بين الهمزة المحققة وبين الحرف الساكن الذي منه حركتها، فالمفتوحة بين الهمزة والألف، والمكسورة بين الهمزة والياء الساكنة، والمضمومة بين الهمزة والواو الساكنة، فهي خفيفة ليس لها تمكن المحققة ولا خلوص الحرف الذي منه حركتها، وهي في الوزن محققة، إلا أنها بالتوهين والضعف تقترب من الساكن، ولذلك لا يبدأ بها كهو" ().

ومن هنا يتبين أن الحق في مذهب أبي عمرو خلاف ما نسب اليه، وأنه إنما يرى الإشارة إلى الهمزة المفتوحة في نحو "ءأامنتم" و "جاء ءال"، وربما نسب ذلك لأبي عمرو على مقتضى ما فهمه من كلامه السابق في كتاب "التحديد"، وخاصة أنه ذكر فيه"الاشارة بالصدر" في حالة المفتوحة لا غير، ولعل هذا الاختصاص قائم على استشعاره لتعذر النطق بجزء الحركة على الألف الساكنة التي هي خلف من الهمزة المفتوحة، في حين أنه قال في المكسورة "كالياء المختلسة الكسر"، وفي المضمومة "كالواو المختلسة الضم".

عبارة الإمام الشاطبي وأقوال الشراح فيها:

وهذا أقوم الناس على مذاهب أبي عمرو الداني بعد أصحابه ورائد مدرسته في المشرق الشيخ أبو القاسم الشاطبي يعبر عن التسهيل في الحرز كثيرا بهذا اللفظ كقوله في باب الهمزتين من كلمة: "والاخرى كمد عند ورش وقنبل". حتى إذا فرغ من باب الهمزتين من كلمة أو كلمتين وأراد أن يميز لنا الفرق بين البدل والتسهيل قال:

"والابدال محض والمسهل بين ما هو الهمز والحرف الذي منه أشكلا.

وقد تتابع شراح "الحرز "على بيان المراد بالتسهيل بين بين ولم يخرج أحد منهم عن المعنى الذي رسمه أبو عمرو في "التسيير" و"التحديد" وغيرهما، وأكثر من تعرضوا للقول بإبدالها هاء محضة فعلوا ذلك بقصد الإنكار، ولم أر أحدا منهم نسب القول بجوازه لأبي عمرو، وأكثرهم ينقل عن كتبه المعروفة.

قول الفاسي في شرح الشاطبية:

فمن ذلك مثلا ما قاله الشيخ أبو عبد الله محمد بن الحسن الفاسي في "اللآلئ الفريدة" واصفا للهمزة المفتوحة المسهلة قال:

"وكيفية التسهيل في الهمزة المفتوحة أن تزال نبرتها وتقرب من الألف، وزاد بعضهم فتصير كالمد في اللفظ ()، وربما عبر بعضهم عنها بالمد لصيرورتها كالمدة ()، فحمل ذلك بعض الناس على قراءتها بألف خالصة، ولم يعن أحد بذلك البدل، وإنما عبر بذلك حيث أضعف الصوت بها فصارت كالمدة. قال:

"وربما قرّب بعضهم لفظها من لفظ الهاء، وليس بشيء" ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير