قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): ({وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} خَصَّهُمَا من الثمارِ بالقَسِمِ؛ لأنَّ التِّينَ فاكهةٌ طَيِّبَةٌ لا فَضْلَ له، وغِذاءٌ لطيفٌ سريعُ الهضْمِ، ودواءٌ كثيرُ النفْعِ؛ فإنه يُلَيِّنُ الطَّبْعَ ويُحَلِّلُ البَلْغَمَ، ويُطَهِّرُ الكُلْيَتَيْنِ، ويُزِيلُ رَمْلَ الْمَثَانَةِ، ويَفتَحُ سَدَدَ الكَبِدِ والطِّحالِ، ويُسَمِّنُ البَدَنَ، وفي الحديثِ: "أَنَّهُ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ، وَيَنْفَعُ مِنَ النِّقْرِسِ"). [أنوار التنزيل: 2/ 1161]
قالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ الخََازِنُ (ت: 725هـ): (ومنْ خَوَاصِّهِ أنَّهُ طَعَامٌ لَطيفٌ، سريعُ الهضمِ، لا يَمْكُثُ في المَعِدَةِ، يخرُجُ بطريقِ الرَّشْحِ، ويُلَيِّنُ الطبيعةَ، ويُقَلِّلُ البَلْغَمَ). [لباب التأويل: 4/ 444]
قالَ نِظَامُ الدِّينِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ القُمِّيُّ (ت: 728هـ): (مِن خَواصِّ التِّينِ أَنَّه غِذَاءٌ وفَاكِهَةٌ ودواءٌ؛ لأنَّه طَعَامٌ لَطِيفٌ، سَرِيعُ الهَضْمِ، مُلَيِّنُ الطَّبْعِ، ويَخْرُجُ بطَرِيقِ الرَّشْحِ، ويُقَلِّلُ البَلْغَمَ، ويُطَهِّرُ الكُلْيَتَيْنِ، ويُزِيلُ ما في المَثانَةِ مِن الرَّمْلِ، ويُسْمِنُ البَدَنَ، ويَفْتَحُ مَسامَّ الكَبِدِ والطّحَالِ). [غرائب القرآن: 30/ 127]
قالَ نِظَامُ الدِّينِ الحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ القُمِّيُّ (ت: 728هـ): (ومِن خَواصِّه: أنَّ ظَاهِرَه كبَاطِنِه، ما له قِشْرٌ, ولا نَوَاةَ له، وإِنَّها شَجَرَةٌ تُظْهِرُ المَعْنَى قَبْلَ الدَّعْوَى، تَأْتِي بالثَّمَرَةِ ثم بالنَّوْرِ، خلافُ المِشْمِشِ واللَّوْزِ ونَحْوِهما، وسَائِرِ الأشجارِ؛ كأربابِ المُعاملاتِ في قولِه صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ: ((ابْدَأْ بنَفْسِكَ ثُمَّ بِمَنْ تَعُولَ)).
لأنَّها تُلْبِسُ نَفْسَها أوَّلاً بوَرْدٍ أو وَرَقٍ ثُمَّ تُظْهِرُ ثَمَرَتَها.
وشَجَرَةُ التِّينِ كالمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ؛ كانَ يَبْدَأُ بغَيْرِه ثم يَبْدَأُ بنَفْسِه؛ كما قالَ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}
وأنَّها تَعودُ ثَمَرَتُها في العامِ مَرَّةً أُخْرَى، وأنَّها في المَنامِ رَجُلُ خَيْرٍ وغِنًى، فمَن رَآهَا نالَ خَيْراً وَسَعَةً، ومَن أَكَلَها رَزَقَه اللَّهُ أولاداً.
ويُرْوَى أنَّ آدَمَ عليهِ السلامُ تَسَتَّرَ بوَرَقِها حينَ نُزِعَ عنه ثِيابُه، فلمَّا نَزَلَ وكانَ مَستوراً بوَرَقِ التِّينِ اسْتَوْحَشَ، فطَافَ الظِّبَاءُ حولَه فاستَأْنَسَ بها، فأَطْعَمَها بعضَ وَرَقِ التِّينِ، فرَزَقَها اللَّهُ الجَمَالَ والمَلاحَةَ صورةً، والمِسْكَ وطِيبَهُ مَعْنًى.
وحينَ تَفَرَّقَتِ الظِّبَاءُ ورَأَى غَيْرُهنَّ منها ما أَعْجَبَها جاءَتْ مِن الغَدِ على أَثَرِهِنَّ فأطْعَمَها مِن الوَرَقِ، فغَيَّرَ اللَّهُ حَالَها إلى الجَمالِ والمَلاحةِ دُونَ طِيبِ المِسْكِ.
وذلكَ أنَّ الطائفةَ الأُولَى جاءَتْ إلى آدَمَ لا لأَجْلِ الطَّمَعِ، والطائفةَ الثانيةَ جَاءَتْ للطَّمَعِ سِرًّا، وإلى آدَمَ ظَاهِراً، فلا جَرَمَ غَيَّرَ ظَاهِرَها دونَ بَاطِنِها). [غرائب القرآن: 30/ 127]
قالَ ابْنُ القَيِّمِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الزَّرْعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ (ت: 751 هـ): (وقدْ قالَ جَماعةٌ مِن الْمُفَسِّرِينَ: إنَّهُ سُبحانَهُ أَقْسَمَ بهذَيْنِ النوعَيْنِ مِن الثِّمارِ لِمَكانِ الْعِزَّةِ فيهما؛ فإنَّ التِّينَ فاكهةٌ مُخَلَّصَةٌ مِنْ شوَائب التَّنْغِيصِ لا عَجَمَ لهُ، وهوَ على مِقدارِ اللُّقْمَةِ، وهوَ فاكهةٌ وقُوتٌ وغِذاءٌ وأَدَمٌ، ويَدْخُلُ في الأدوِيَةِ، ومِزَاجُهُ مِنْ أَعْدَلِ الأَمْزِجَةِ، وطَبْعُهُ طَبْعُ الحياةِ: الحرارةُ والرُّطوبةُ، وشَكْلُهُ مِنْ أَحْسَنِ الأشكالِ، ويَدخُلُ أَكْلُهُ والنظَرُ إليهِ في بابِ الْمُفْرِحَاتِ، ولهُ لَذَّةٌ يَمتازُ بها عنْ سائِرِ الفواكِهِ، ويَزيدُ في الْقُوَّةِ، ويُوافِقُ الْبَاءَةَ، ويَنْفَعُ مِن البَواسِيرِ والنِّقْرِسِ، ويُؤْكَلُ رَطْبًا ويَابِسًا). [التبيان: 28]
¥