قالَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيُّ (ت: 468هـ): (وَإِنَّمَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْقَسَمَ بالتِّينِ؛ لأَنَّهُ فَاكِهَةٌ مُخَلَّصَةٌ مِنْ شَوائبِ التَّنْغِيصِ، وَفِيهِ أعظمُ العِبْرَةِ؛ لدَلالتِهِ عَلَى مَنْ هَيَّأَهَا عَلَى تِلْكَ الصفةِ وَجَعَلَهَا عَلَى مِقدارِ اللُّقْمَةِ، فاللهُ عَزَّ وَجَلَّ المُنْعِمُ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ). [الوسيط: 4/ 523]
قالَ الْحُسَيْنُ بنُ مَسْعُودٍ البَغَوِيُّ (ت: 516هـ): (قيلَ: خُصَّ التِّينُ بالقَسَمِ؛ لأنها فاكهةٌ مُخْلَصَةٌ لا عَجَمَ لها، شبيهةٌ بفواكِهِ الجنَّةِ. وخُصَّ الزيتونُ لكَثْرَةِ مَنافِعِه، ولأنه شَجَرَةٌ مُبارَكةٌ جاءَ بها الحديثُ، وهو ثَمَرٌ ودُهْنٌ يَصْلُحُ للاصطباغِ، والاصْطِبَاحِ). [معالم التنزيل: 643] (م)
قالَ مَحْمُودُ بنُ حَمْزَةَ بْنِ نَصْرٍ الْكِرْمَانِيُّ (ت: 525هـ): (الغَرِيبُ: خُصَّ بالقَسَمِ؛ لأنَّ التِّينَ يُشْبِهُ ثِمَارَ الجنَّةِ ليس فيه ما يُنْفَى ويُطْرَحُ، ولأنَّ الزيتونَ لا دُخَانَ لدُهْنِهِ، ولا لِحَطَبِ شَجَرِه عندَ الإيقادِ). [غرائب التفسير: 2/ 1359] (م)
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (أَقْسَمَ بهما لأنَّهما عَجيبانِ مِن بينِ أصْنافِ الأشجارِ المُثْمِرَةِ). [الكشاف: 6/ 400]
قالَ مَحْمُودُ بْنُ عُمَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت: 538هـ): (ومَعْنَى القَسَمِ بهذه الأشياءِ الإبانةُ عن شَرَفِ البِقَاعِ المُبارَكَةِ، وما ظَهَرَ فيها مِن الخيرِ والبَرَكةِ بسُكْنَى الأنبياءِ والصالحِينَ.
فمَنْبِتُ التِّينِ والزَّيْتونِ مُهَاجَرُ إبراهيمَ ومَوْلِدُ عيسى ومَنْشَؤُه. والطُّورُ: المكانُ الذي نُودِيَ مِنه مُوسَى. ومكَّةُ: مكانُ البيتِ الذي هو هُدًى للعالَمِينَ ومَوْلِدُ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومَبْعَثُه). [الكشاف: 6/ 401]
قالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنِ العَرَبِيِّ (ت: 543 هـ): (وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِالتِّينِ لِيُبَيِّنَ فِيهِ وَجْهَ الْمِنَّةِ الْعُظْمَى، فَإِنَّهُ جَمِيلُ الْمَنْظَرِ، طَيِّبُ الْمَخْبَرِ، نَشِرُ الرَّائِحَةِ، سَهْلُ الْجَنْيِ، عَلَى قَدْرِ الْمُضْغَةِ). [أحكام القرآن: 4/ 1951]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنِ الْجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (وذَكَرَ بعضُ الْمُفَسِّرينَ أنَّهُ إنَّما أَقْسَمَ بالتِّينِ؛ لأنَّها فاكهةٌ مُخَلَّصَةٌ مِنْ شَائِبِ التنغيصِ، وهوَ يَدُلُّ على قُدْرَةِ مَنْ هَيَّأَهُ على تلكَ الصفةِ وجَعَلَ الواحدةَ منهُ على مِقدارِ اللُّقمةِ، وإنَّما أَقْسَمَ بالزيتونِ؛ لكَثرةِ الانتفاعِ بهِ). [زاد المسير: 9/ 169]
قالَ فَخْرُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الرَّازِيُّ (ت: 604هـ): (فيهِ قَولانِ:
الأوَّلُ: أنَّ المرادَ مِن التينِ والزيتونِ هذانِ الشَّيئانِ المَشْهورانِ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ: هو تِينُكُم وزَيْتُونُكم هذا، ثم ذَكَرُوا مِن خَوَاصِّ التينِ والزيتونِ أشياءَ ...
ثم قالَ المفسِّرونَ: التينُ والزيتونُ اسمٌ لهذين المأكولينِ، وفيهما هذه المنافِعُ الجليلةُ، فوَجَبَ إجراءُ اللفظِ علَى الظاهرِ، والجزْمُ بأنَّ اللَّهَ تعالَى أَقْسَمَ بهما لِمَا فيهما مِن هذه المصالِحِ والمنافِعِ.
القولُ الثاني: أنَّهُ ليس المرادُ هاتينِ الثَّمَرَتَيْنِ، ثم ذَكَرُوا وُجُوهًا:
أحدُها: قالَ ابنُ عبَّاسٍ: هما جَبَلانِ مِن الأرضِ الْمُقَدَّسَةِ، يُقالُ لهما بالسريانيَّةِ: طُورُ تينا، وطورُ زيتا؛ لأَنَّهما مَنْبَتَا التينِ والزيتونِ، فكأنه تعالَى أَقسمَ بِمَنابِتِ الأنبياءِ، فالجبَلُ الْمُخْتَصُّ بالتينِ لعيسَى عليهِ السلامُ، والزيتونُ الشامُ مَبْعَثُ أكثرِ أنبياءِ بَنِي إسرائيلَ، والطُّورُ مَبعثُ موسَى عليهِ السلامُ، والبلدُ الأمينُ مَبعَثُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ، فيكونُ المرادُ مِن القَسَمِ في الحقيقةِ تَعْظِيمَ الأنبياءِ وإعلاءَ دَرجاتِهم.
وثانيها: أنَّ المرادَ مِن التينِ والزيتونِ مَسجدانِ، ثم قالَ ابنُ زيدٍ: التينُ مسجدُ دِمشقَ، والزيتونُ مَسجدُ بيتِ المقدسِ، وقالَ آخرون: التينُ مَسجِدُ أصحابِ أهلِ الكهفِ، والزيتونُ مَسجدُ إيلِيَا.
¥