تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن ابنِ عبَّاسٍ: التينُ مَسجدُ نوحٍ الْمَبْنِيُّ علَى الْجُودِيِّ، والزيتونُ مسجدُ بيتِ الْمَقدسِ، والقائلون بهذا القولِ إِنَّما ذَهَبوا إليهِ؛ لأنَّ القَسَمَ بالمسجدِ أَحسنُ؛ لأنه مَوضِعُ العبادةِ والطاعةِ، فلَمَّا كانتْ هذه المساجِدُ في هذه المواضِعِ التي يَكْثُرُ فيها التينُ والزيتونُ لا جَرَمَ اكْتَفَى بذكْرِ التينِ والزيتونِ.

وثالثُها: المرادُ مِن التينِ والزيتونِ بَلدانِ، فقالَ كعبٌ: التينُ دِمشقُ، والزيتونُ بيتُ الْمَقْدِسِ.

وقالَ شهرُ بنُ حَوشبٍ: التينُ الكوفةُ، والزيتونُ الشامُ، وعن الربيعِ: هما جَبَلاَنِ بينَ هَمْدَانَ وحُلوانَ، والقائلون بهذا القولِ إِنَّما ذَهَبوا إليهِ؛ لأن اليهودَ والنَّصارَى والمسلمِينَ ومُشْرِكِي قريشٍ كلُّ واحدٍ منهم يُعَظِّمُ بَلدةً مِن هذه البلادِ،

فاللَّهُ تعالَى أَقْسَمَ بهذه البلادِ بأَسْرِها.

أو يقالُ: إنَّ دِمشقَ وبيتَ المقدِسِ فيهما نِعَمُ الدنيا، والطورَ ومكةَ فيهما نِعَمُ الدِّينِ). [مفاتيح الغيب: 32/ 9 - 10] (م)

قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ القُرْطُبِيُّ (ت: 671هـ): (وَإِنَّمَا أَقْسَمَ اللَّهُ بالتِّينِ؛ لأنَّهُ كانَ سِتْرَ آدمَ في الجنَّةِ؛ لقولِهِ تَعَالَى: {يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعرافُ: 22]. وَكانَ وَرَقَ التِّينِ.

وَقيلَ: أَقْسَمَ بهِ لِيُبَيِّنَ وَجْهَ المِنَّةِ العُظْمَى فيهِ، فإِنَّهُ جَمِيلُ المَنْظَرِ، طَيِّبُ المَخْبَرِ، نَشِرُ الرائحةِ، سَهْلُ الجَنْيِ، على قَدْرِ المُضْغَةِ.

...

وَأَقْسَمَ بالزيتونِ؛ لأنَّهُ مَثَّلَ بهِ إِبراهيم في قولِهِ تَعَالَى: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ} [النورُ: 35]. وَهوَ أَكْثَرُ أُدُمِ أَهْلِ الشامِ وَالمَغْرِبِ، يَصْطَبِغُونَ بهِ، وَيَسْتَعْمِلُونَهُ في طَبِيخِهِمْ، وَيَسْتَصْبِحُونَ بهِ، وَيُدَاوَى بهِ أَدْوَاءُ الجَوْفِ وَالقُرُوحِ وَالجِرَاحَاتِ، وَفيهِ مَنَافِعُ كثيرةٌ.

وَقالَ عليهِ السلامُ: ((كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ)). وَقدْ مَضَى في سُورَةِ (الْمُؤْمِنُونَ) القولُ فيهِ). [الجامع لأحكام القرآن: 20/ 112]

قالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ البَيْضَاوِيُّ (ت: 691هـ): ({وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} خَصَّهُمَا من الثمارِ بالقَسِمِ؛ لأنَّ التِّينَ فاكهةٌ طَيِّبَةٌ لا فَضْلَ له، وغِذاءٌ لطيفٌ سريعُ الهضْمِ، ودواءٌ كثيرُ النفْعِ؛ فإنه يُلَيِّنُ الطَّبْعَ ويُحَلِّلُ البَلْغَمَ، ويُطَهِّرُ الكُلْيَتَيْنِ، ويُزِيلُ رَمْلَ الْمَثَانَةِ، ويَفتَحُ سَدَدَ الكَبِدِ والطِّحالِ، ويُسَمِّنُ البَدَنَ، وفي الحديثِ: "أَنَّهُ يَقْطَعُ الْبَوَاسِيرَ، وَيَنْفَعُ مِنَ النِّقْرِسِ" وَالزيتونُ فاكهةٌ وإدامٌ ودواءٌ، وله دُهْنٌ لطيفٌ كثيرُ الْمَنافِعِ، مع أنه قد يَنْبُتُ حيثُ لا دُهْنِيَّةَ فيه كالْجِبالِ، وقِيلَ: المرادُ بهما جَبلانِ من الأرضِ الْمُقَدَّسَةِ، أو مَسْجِدَا دِمَشْقَ وبَيْتِ الْمَقْدِسِ، أو البُلدانِ). [أنوار التنزيل: 2/ 1161]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّسَفِيُّ (ت: 710هـ): ({وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} أَقسَمَ بِهَما؛ لأنَّهما عَجِيبانِ مِن بينِ الأشْجارِ المُثْمِرَةِ). [مدارك التنزيل:3/ 1979]

قَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ النَّسَفِيُّ (ت: 710هـ): (ومعنَى القَسَمِ بهذِه الأشياءِ الإبَانةُ عن شَرَفِ البِقاعِ المُباركةِ، وما ظهَرَ فيها من الخيرِ والبَرَكةِ بسُكْنى الأنْبِياءِ والأولياءِ، فمَنْبَتُ التِّينِ والزَّيْتُونِ مُهَاجَرُ إبراهيمَ، ومَولِدُ عيسَى ومَنْشَؤُه، والطُّورُ: المكانُ الذي نُودِيَ منه مُوسَى، ومكَّةُ مكانُ البيتِ الذي هو هُدًى للعَالمينَ، ومَولِدُ نَبِيِّنا ومَبعَثُه صلواتُ اللهِ عليهم أجْمَعِين، أو الأَوَّلاَنِ قَسَمٌ بمَهْبِطِ الوَحْيِ على عيسَى، والثالثُ على مُوسَى، والرَّابعُ على مُحَمَّدٍ عليهِمُ السَّلامُ). [مدارك التنزيل:3/ 1980]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير