أمرتكم بقتالهم هم خصومكم وأعداؤكم الذين يقاتلونكم، ويدل لهذا المعنى قوله تعالى: وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة [9 36]، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
الوجه الثاني: أنها منسوخة بقوله تعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وهذا من جهة النظر ظاهر حسن جدا، وإيضاح ذلك أن من حكمة الله البالغة في التشريع، أنه إذا أراد تشريع أمر عظيم على النفوس ربما يشرعه تدريجا لتخف صعوبته بالتدريج، فالخمر مثلا لما كان تركها شاقا على النفوس التي اعتادتها، ذكر أولا بعض معائبها بقوله: قل فيهما إثم كبير [2 219].
ثم بعد ذلك حرمها في وقت دون وقت، كما دل عليه قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى الآية [2 43].
ثم لما استأنست النفوس بتحريمها في الجملة حرمها تحريما باتا بقوله: رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون [5 90].
وكذلك الصوم لما كان شاقا على النفوس شرعه أولا على سبيل التخيير بينه وبين الإطعام ثم رغب في الصوم مع التخيير بقوله: وأن تصوموا خير لكم [2 184]، ثم لما استأنست به النفوس أوجبه إيجابا حتما بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه الآية [2 185].
وكذلك القتال على هذا القول شاق على النفوس، أذن فيه أولا من غير إيجاب بقوله: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا الآية [22 39].
ثم أوجب عليهم قتال من قاتلهم دون من لم يقاتلهم بقوله: وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم.
ثم استأنست نفوسهم بالقتال أوجبه عليهم إيجابا عاما بقوله: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم الآية.
الوجه الثالث: وهو اختيار ابن جرير، ويظهر لي أنه الصواب، أن الآية محكمة وأن معناها: قاتلوا الذين يقاتلونكم، أي من شأنهم أن
يقاتلوكم.
أما الكافر الذي ليس من شأنه القتال كالنساء والذراري والشيوخ الفانية والرهبان وأصحاب الصوامع، ومن ألقى إليكم السلم فلا تعتدوا بقتالهم لأنهم لا يقاتلونكم، ويدل لهذا الأحاديث المصرحة بالنهي عن قتل الصبي، وأصحاب الصوامع، والمرأة والشيخ الهرم إذا لم يستعن برأيه.
وأما صاحب الرأي فيقتل كدريد بن الصمة، وقد فسر هذه الآية بهذا المعنى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وابن عباس والحسن البصري.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[24 - 05 - 10, 11:01 ص]ـ
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته الآية.
هذه الآية تدل على التشديد البالغ في تقوى الله تعالى، وقد جاءت آية أخرى تدل على خلاف ذلك وهي قوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم [64\ 16]،
والجواب بأمرين /
الأول: أن آية: فاتقوا الله ما استطعتم، ناسخة لقوله: اتقوا الله حق تقاته وذهب إلى هذا القول سعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس وقتادة ومقاتل بن حيان وزيد بن أسلم والسدي وغيرهم، قاله ابن كثير.
الثاني: أنها مبينة للمقصود بها، والعلم عند الله تعالى.
ـ[جهاد حِلِّسْ]ــــــــ[29 - 05 - 10, 09:26 م]ـ
قوله تعالى: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة.
وصف الله المؤمنين في هذه الآية بكونهم أذلة حال نصره لهم ببدر، وقد جاء في آية أخرى وصفه تعالى لهم بأن لهم العزة وهي قوله تعالى: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين [63\ 8]، ولا يخفى ما بين العزة والذلة من التنافي والتضاد.
والجواب ظاهر /
وهو أن معنى وصفهم بالذلة هو قلة عددهم وعددهم يوم بدر،
وقوله تعالى: ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين نزل في غزوة المريسيع وهي غزوة بني المصطلق، وذلك بعد أن قويت شوكة المسلمين وكثر عددهم وعددهم مع أن العزة والذلة يمكن الجمع بينهما باعتبار آخر، وهو أن الذلة باعتبار حال المسلمين من قلة العدد والعدد، والعزة باعتبار نصر الله وتأييده كما يشير إلى هذا قوله تعالى: واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره [8\ 26].
وقوله: ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة [3\ 123]، فإن زمان الحال هو زمان عاملها، فزمان النصر هو زمان كونهم أذلة، فظهر أن وصف الذلة باعتبار، ووصف النصر والعزة باعتبار آخر، فانفكت الجهة، والعلم عند الله تعالى.
ـ[براءة]ــــــــ[01 - 06 - 10, 04:40 م]ـ
ما شاء الله معلومات قيمة ... لكن بدها تفرغ
ان شاء الله سأحفظ الموضوع بالمفضلة وأقرأه بالتدريج
ـ[أم المنذر]ــــــــ[07 - 06 - 10, 07:21 م]ـ
جزاكم الله خيرا
سؤال:
هل ثمة كتب تعالج نفس موضوع
كتاب (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) للعلامة (محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله)
الذي ذكرتموه؟
أي تعالج موضوع الإضطراب الذي يحصل عند بعض الناس حين قراءتهم لبعض الآيات والتي قد يُفهم منها التناقض لأول وهلة ثم بعد التأمل والرجوع لكتب التفسير يُزال الإشكال.
فهل هناك كتب أُلّفت حول هذا؟؟
ـ[حسن علي محمد]ــــــــ[07 - 06 - 10, 10:01 م]ـ
ما شاء الله، جزاك الله خيرا
¥