تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إحلال (العامية) في محل (العربية الفصحى) أمنية كل من يتمنى هدم الإسلام!]

ـ[أبو الأزهر السلفي]ــــــــ[01 - 11 - 10, 05:28 م]ـ

إحلال العامية في محل العربية الفصحى أمنية كل من يتمنى هدم الإسلام

كتبه العلامة الكبير محب الدين الخطيب

((مقال عن فضائل العربية الفصحى، كتبه عالم مصري قبل 55 سنة))

الدعوة إلى إحلال العامية في محل العربية الفصحى من أدب الناطقين بالضاد وثقافتهم ليست من مخترعات هذا الجيل، بل هي فكرة استعمارية، فكرت فيها عقول إنجليزية، قبل عشرات السنين، وعرضت على هذه الأمة المصرية عرضاً جذاباً ظاهره البراءة وحسن النية والشفقة على ارتقاء المصريين وتقدمهم، ولكن المصريين كانوا أحصفَ وأعظمَ ألمعية من أن تهزأ بهم العقول البريطانية هذا الاستهزاء فقابلوا ذلك بما يستحقه.

وحكاية ذلك أن الإنجليز يوم كان احتلالهم في مصر بالغاً أوجَ قمَّناته من الثبات والتمكن، كان للمصريين مجلة علمية اسمها (الأزهر) يصدرها عالمان كبيران من علمائهم وهما إبراهيم بك مصطفى والدكتور حسن بك رفقي، وبعد أن استمرا فيها خمس سنوات إلى نهاية سنة 1892 نيطت بهما أعمال أوسع من أعمالهما الأولى، ومنها إسناد نظارة مدرسة دار العلوم العليا إلى إبراهيم بك مصطفى بعد أن كان مدرساً للكيمياء في إحدى المدارس العليا، فتخليا عن مجلة (الأزهر) من نهاية سنتها السادسة (يناير 1893) إلى المهندس الإنجليزي الشهير (وليم ويلكوكس) والأستاذ أحمد الأزهري، وكانت فاتحة أعمال ويلكوكس عند انتقال مجلة (الأزهر) إليه أن ألقى محاضرة في نادي الأزبكية (أنجلو إجبشيان كلوب) موضوعها «لِمَ لمْ تُوجد قوة الاختراع لدى المصريين الآن؟» زعم فيها أن قوة الاختراع تأتي من القوة المفكرة ويرثها الإنسان من آبائه، والقوة الخيالية ويرثها من أمهاته ـ والأمهات المصريات جاهلات لا يلدن أبناء مخترعين ـ وتأتي قوة الاختراع من الثبات والإقدام، وأكثر المصريين يضيعون أوقات فراغهم في المقاهي بلعب النرد والضمنة. ثم زعم أن أهم عائق يمنع المصريين من الاختراع هو أنهم يؤلفون ويكتبون باللغة العربية الفصحى، ولو ألفوا وكتبوا بالعامية لصاروا مخترعين! واستدل على ذلك بأن الإنجليز كانوا يؤلفون باللاتينية فلم يكونوا مخترعين فلما اختاروا لغة الفلاحين الإنجليز وكتبوا بها صاروا مخترعين ويرجع ذلك إلى الزمن الذي نبغ فيه شكسبير وبيكون.

ونحب أن نقول الآن بعد 55 سنة من إلقاء هذه الخطبة إن صاحبها من أعظم مهندسي الدنيا في الرِّي والخزانات والتحكم في مجاري الأنهار، ومع ذلك فإن له نزعة تبشيرية أخذت عليه لُبّه، وشغلت عقله، وعطّلت استقامة التفكير الرياضي في ذهنه، وهو حي يرزق إلى اليوم ـ فيما أظن ـ وله عشرات الكتب في التبشير بالمسيحية طبعتها مطبعة النيل للإرساليات البروتستانية، وقد رمى بها غرضين بحجر واحد، وأحد الغرضين خدمة الكنيسة، والثاني هدم العربية بكتابة تلك الكتب باللغة العامية.

ولما ألقى خطبته في نادي الأزبكية قبل 55 سنة عرف المصريون أن غرضه الحقيقي من الدعوة إلى إحلال العامية بدل الفصحى حرمانهم من تراث الفصحى في الدين والعلوم والآداب لتسهل على الاحتلال مهمته. وتولت جريدة (المؤيد) ومجلة (الأستاذ) هتك أستار هذه الدعوة بما لا مزيد عليه. وهوجمت خطبة ويلكوكس في مجلة ويلكوكس نفسها (الأزهر) بأقلام سليمان المهندس إبراهيم بك مصطفى ناظر مدرسة دار العلوم، وأحمد أفندي سليمان المهندس بالتنظيم، والسيد أفندي الزمزمي.

ومما قاله إبراهيم بك مصطفى: ((إن علماء اللغات قسموها على تباينها إلى ثلاثة أقسام:

1 ـ لغات أحادية المقاطع، وهي خالية من حروف المعاني، وعدد كلماتها أقل من غيرها، ولا تتغير صيغتها، ولا تدل على النوع أو الكيفية، أو العدد أو الزمن أو النسب، بل كل ذلك يفهم من تكييف الصوت بهذه المقاطع في المنطوق، ومن مكان الكلمة من الجملة في المسطور. ومن هذا القسم اللغة الصينية، وعدد كلماتها 500 إلا أن لها 1500 نطق لا يدركها إلا حذق الأذن للتعبير عما يخالج خاطر أهلها، وقد يعبر عن المعنى الواحد بمجموع كلمات تحفظ كل كلمة في هذا المجموع معناها، كأن يعبر عن (الأسرة) بكلمتي (أب وأم) معاً وبحسب ما يكون من نطق هاتين الكلمتين ووضعهما تؤخذ النسب التي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير