تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[«اللغة» اشتقاقها، ودلالتها]

ـ[فيصل المنصور]ــــــــ[18 - 11 - 10, 06:42 م]ـ

«اللُّغةُ» اشتِقاقُها، ودَِلالتُها

اختلفت كلمةُ الناس في لفظ (اللغة) من جهة اشتقاقها، ودلالتها اختلافًا طويلاً. وقد دعاني هذا إلى أن أنتحيَها، وأضطلِعَ ببحثِها، ومعالجتِها. ورأيتُ أن يكونَ التأتِّي إليها من خلال تحقيقِ مادَّتها على مَنهجٍ لي كنتُ اختططتُه من قبلُ، ثمَّ بيانِ صلتِها بالمادَّة، وكيفَ تفرَّعت منها.

1 - تحقيق المادَّة:

للَّام، والغين، والواو أصول ثلاثة:

الأصلُ الأوَّل: (معنويٌّ)

وهو: سقوطُ القيمةِ.

=تصاريفُه:

(اللغْو) اسمُ عينٍ جامِدٌ. وهو في الأصلِ مصدرٌ لم يشتَقَّ منه فِعلٌ، ثمَّ تنوسِيَ أصلُه، فاشتَقُّوا منه بعدَ أن صارَ اسمَ عينٍ، فقالُوا: لغَا يلغُو، ولغَا يلغَى (لأنَّ ثانيَ الأصولِ فيها الغينُ، وهي من حروفِ الحلْقِ)، ولغِيَ يلغَى (من بابِ نصَرَ، وفتَحَ، وفرِحَ): إذا أتَى باللغوِ. وهو على غيرِ الغالبِ من معاني (فعَل)، لأن الغالبَ أن يكونَ المعنَى (عرضَ له اللغوُ، وهو سقوطُ القيمة). وهذا ليس بمرادٍ هنا، وإنما المرادُ أنَّه (أتَى بما سقطت قيمتُه)، لا أنَّه (سقطت قيمتُه هو)، ألا ترَى أنك تقولُ في نظائرِه مثَلاً: (فسَد الشيءُ): إذا عرضَ له التغيُّر إلى الأسوأ. ولا تريدُ أنه أتَى بما عرضَ له التغيُّر إلى الأسوأ.

والمصدرُ (اللَّغْو)، وهو لـ (لغَا). و (اللَّغَا). وهو لـ (لغِيَ). و (الملغاة). والثلاثة قياسٌ. و (اللَّغوَى) على غيرِ قياس.

وقالُوا: (لاغٍ)، قالَ تعالَى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif لا تسمعُ فيها لاغيةً http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif [ الغاشية: 11]. و (لاغية) بمعنَى (آتيةٍ باللَّغْو)، لأنَّها اسمُ فاعلٍ من (لغَا): إذا أتَى باللغْو. والتاء فيها للمبالغةِ. وتكونُ المبالغةُ راجعةً إلى النفي، كما في قولِه تعالَى: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif وما ربُّك بظلامٍ للعبيدِ http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif [ فصلت: 46]، وقوله: http://www.ahlalloghah.com/images/up/01204cbc20.gif ليس لها من دون الله كاشِفةٌ http://www.ahlalloghah.com/images/up/2654672cb0.gif [ النجم: 58]. ويُحتمَلُ فيها أيضًا ثلاثةُ وجوهٍ أخَرُ، أحدُها أن تكونَ التاءُ للتأنيثِ على تقدير الموصوف مؤنَّثًا، كأنَّه قالَ: (شَفةً لاغيةً)، أو (نفْسًا لاغيةً). وهو وجهٌ مَقبولٌ، وإن كان دونَ الأوَّلِ. والثاني أن تكون (لاغية) مصدرًا كـ (العافية)، و (العاقبة). وهذا لم يثبت أصلاً، لأنَّ كلَّ ما ادَّعَوا فيه المصدريَّة من هذا البِناءِ محتمِلٌ البقاءَ على الأصلِ، فلا يُحمَل عليه. والثالث أن يكونَ بناءُ (فاعلٍ) هنا للنسبِ، وليس جاريًا على الفعلِ. وذلكَ أنَّه لما طالَ عليهم استِعمالُ (اللَّغْو) اسمَ عينٍ، اشتقُّوا منه، فقالُوا: (لاغٍ)، أي: ذو لغوٍ. كما قالُوا: (دارعٌ) نسبةً إلى (الدرع)، و (تامر) نسبةً إلى التمر، و (لابِنٌ) نِسبةً إلى (اللَّبَن). وهذه النِّسبةُ لم نجدها تصِحُّ في غير اسمِ العين. ويشهَد لهذا الوجهِ الحديثُ: (والحَمولة المائرة لهم لاغيةٌ)، أي: مُلغَاة. فإن (لاغية) في هذا الموضعِ لا تحتمِل غيرَ النسبِ. وإذا صحَّ ثبوتُها بهذا المعنَى في هذا الموضع، جازَ أن تكونَ واردةً في غيرِه.

وقالوا: ألغاه يُلغِيه إلغاءًا، إذا أسقطَ قيمتَه.

واستلغَاه: طلبَ منه أن يلغُو (على القياس).

والملاغاة: المهازَلةُ. وذلكَ أنَّ الهَزْل ضربٌ من اللَّغْو. وقد يأتي بِناءُ (فاعلَ) في المعنَى الذي يكثُر فيه المقابلةُ، وإن لم تقعْ، كما قالَوا: (شاتَمَه) للبادئ بالشتم، وإن لم يقابله المشتومُ بالمثلِ. وكذلكَ (الملاغاة)، ألا تَرى أنَّ الرجلَ قد يهازِلُ صاحبَه، ثمَّ لا يقعُ منه ذلكَ موقِعَه، ولا يصيبُ لديه موضِعَه. فهذا بيانٌ لهذه المسألة، أردنا لكَ أن تحيطَ بصورتِها، وتأنَسَ إليها.

=وجوه استعماله:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير