تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (البقرة:143) أي أنه شرح صدورهم لتقبل هذا التغيير كي يحفظ إيمانهم.

والصنف الثاني طبق الأفعال أسلم و لم يؤمن وهذا الذي يجعل صدره ضيقاً حرجاً و بين السبب فقال كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون كيف يضلهم وهم لا يؤمنون؟ وهذا الصنف هم المنافقون ويكفي هذا الدليل {َمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} (التوبة: 54) وفي مقدمة الآية قال عنهم كَفَرُواْ بِاللّهِ وَبِرَسُولِهِ مع أنهم مسلمون في الفعل يأتون الصلاة و ينفقون المال.

والدليل الثاني على الإضلال في الفعل {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ} (التوبة: 46) فثبط المنافقين قدراً وهذه الآية عن المنافقين أي انه جعل صدورهم ضيقة حرجة فثقل عليهم الفعل.

ومن الأدلة القطعية التي لا تقبل الشك على أن العبد مختار بإرادته وقدرته و إشاءته و إن الله فطره على هذه السنة بقوله عز وجل {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} وقوله تعالى {َلهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} (الرعد: 11)

ومن الأسانيد لهذه الحقيقة ما قص الله في كتابه العزيز قصة العبد الصالح العالم و المعلم والذي تلقى علمه من منبع العلم الرباني مباشرة بدون قلم ولا ورقة و تلميذه رسول الله وكليم الله موسى عليه السلام في قصة قتل الغلام ذكر العالم الرباني أن سبب قتل الغلام هو {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَاناً وَكُفْراً} (الكهف: 80) السؤال المطروح هل كان العبد الصالح لا يعلم أن الله يهدي من يشاء هدايته ويضل من يشاء إضلاله؟ والأولى هدايته بدل قتله.

وهل سيدنا موسى عليه السلام الداعي إلى الحق كان عاجزاً على أن يحتج ويقول له لماذا لا ندعوا الله أن يغيره من طالح إلى صالح بدل قتل الغلام؟ والأولى التضرع إلى الله لهداية الغلام.

وهل عجز الله عز وجل في أن يهدى هذا الغلام حتى بدله تبديلاً بغلام خير منه زكاة و اقرب رحما؟ والأولى هدايته بدل تبديله وهو الذي يقول عن نفسه تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (يس: 82) وهل الضلال و الجسد لحمة واحدة لا ينفصلان حتى يصفى جسدياً؟ أين الحكمة في هذا هل غابت عن العبد الصالح و سيدنا موسى عليه السلام أم انّها سنة من سنن الله لا تتبدل أم كانا على علم {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ} (الشورى: 44) و إن الله سن سنة التبديل والاختيار ولم يسن سنة التغيير وهذا ما حدث مع قصة الغلام و أبويه المؤمنين كما يقول الله عز وجل في كتابه العزيز {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً} (الإنسان: 28) و قوله عز وجل {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (القصص: 68) و الاختيار و الجعل مشيئة من الله في الخلق أليس هناك عباد خلقهم من النشأة الأولى مهديين أمثال الرسل و أمثال هذا العبد الصالح و أمثال الغلام و كثير من العباد لا نعلمهم الله يعلمهم {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (محمد: 24) {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير