يؤمنون فى اذانهم وقر وهو عليهم عمى اولئك ينادون من مكان بعيد ".
والقران "كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير " , و المحكم فى ام الكتاب عليا عند الحكيم القدير ,قال تعالى وهيهات للكافرين هيهات:"انا انزلنا عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات ", وقال جل وعلا فوق السبع سماوات وهو بهم عليم:" و انه فى ام الكتاب لدينا لعلى حكيم ", وقال من تخبت لحبه القلوب و الالباب:"يمحو الله ما يشاء و يثبت وعنده ام الكتاب ".
والله تعالى القديم بلا ابتداء ,ومن لا يجرى عليه زمان ولا فناء ,كان فى عماء ما تحته هواء ,ومافوقه هواء ثم خلق عرشه على الماء, و كذا كلام ربنا قديم , وليس للعارف فى ذلك سوى التسليم.
و القران كلام منطوق فى كتاب المولى ,من قرأ يقرأ قراناحين يتلى , وتفصيل اياته بلسان عربى موزون , قولا من قول من لا تخالطه الظنون , ومن يعجز عن وصفه كل الواصفون:"كتاب فصلت اياته قرانا عربيا لقوم يعلمون " ,وقال من بلطفه احاط ادراج كل ممنون ,:"انا جعلناه قرانا عربيا لعلكم تعقلون ", فمبحث معرفته بلسان العرب , وليس لسائر الالسن منه قرب ,فما كان من كلامهم يجلى لنا المعنى , وهذا لعمرك من شأن اصحاب اليمنى ,واللغة هى الكلمة كذا فى لسان, من ليسوا عربا بل كانوا من اليونان ,ولهذا لم يكن لذكرها اى شان ,فى كلام ربنا الحكيم المنان ,والاصل فى اللفظ التفرد ,والا كان تنوعه ضربا من التمرد ,فاذا كان لاشتقاق خفية فى معناه ,فلا ترجع فى فهمه الى اشتقاق سواه ,بل رده الى اصل الكلم فى لسان العرب ,وان لم تفعل صار تفسيره عزوا الى الهرب ,فان كان فى الكلام قرينة اتضح المقال ,وبهذا تنتفى لنا الحاجة الى السؤال ,كقوله معرضون بعد ما قال يتولى فريقا ,او عن ذكرنا مع تولى كان به طريقا, وهو بخلاف سعى فى الارض ليفد فيها ,فلتولى هنا تمام المعنى يجليها, وما كان ظاهره يجوز تعددا للمفهوم ,فاعلم ان الاصل واحد وبه يكون اللزوم ,كقوله "فمن تولى فما ارسلناك عليهم حفيظا",فاعرض فيه وجه ووجه حين يصير عزيزا ,وكذاهو الحال على دوام المدى ,كمافى " تولى واعطى قليلا واكدى ",ولا شك ان المعنى فيهما سواء ,في من ولى امرا واعرض فيه عن السواء.وكذا هو الحال فى قوله كالقصر ,فيكون شبها لرميها ان اردت الحصر ,ووجه يكون شبها لشرر ما يرمى ,فى الحجم كالبيت كبرا وكان يحمى,
وليس فى الفاظ القران ترادف ,ولا فى اياته ايما تصادف ,فما من حرف فيه الا وله دلالة ,و لا يستعاض عنه بغيره فى اى حالة , والحرف هنا اعنى حرف المحكم , وليس ما قرأ به البعض فالزم.
واعلم ان كل من تكلم فى القران بالتفسير ,ينبغى ان يكون للدليل ظاعن اسير ,فالقران لا يفسر بالشطط ولا بالهوى , والا فذلك مما عمت به البلوى ,وما كان فى تفسيره من كلام المعصوم ,فهو ان صح نكون له عبدا لمخدوم ,وكل من اجتهد فيه من رأيه ,من غير دليل له منه او من غيره ,فليس بلازم لنا فيه اتباع ,ويصير فى التخصيص عاما كحكم المشاع ,حتى وان كان من اقوال الاصحاب الكرما ,او غيرهم من اقطاب الائمة العلما ,غير اننابه ان صح قد نستأنس ,ففى كلامهم اصلاح لما ساء فى الانفس.
والاولى بالقران فى التفسير هو القران ,ففى مجمله و تفصيله رياضا من الجنان ,سدره و طلحه والروح والريحان ,مصفوفة وروده ابهى ما كان من بستان ,لا يعجز الحاذق فى معناه ان وفق , ولا يتعسر فى ذكره من اناب الى الموفق ,وهو مع هذا لا تنقضى عجائبه ,ولا تنقطع ابدا اى من غرائبه ,وبه الجهاد الكبيرعلى كل كافر حسير ,الا ان يظعن له فيكون به عبدا اسير ,شواظه من نار على كل عتل كفار ,حجة من الجبار على سائر الاقطار ,و قد قال اللطيف الستار وقد اعد للكافرين سعيرا:"فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا " ,وبه تكون شكوى الرسول ,اذا عدلت عنه الامة الى الوحول ,من اتباع لبنى الاصفر او لبنى سلول ,ففيه والله الكرب وقد قال من كان عفوا غفورا:"وقال الرسول يارب ان قومى اتخذوا هذا القران مهجورا ".
¥