تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في هذا المثال ذكر قراءتين فقط: الأولى قراءة الجمهور، والثانية قراءة عاصم، وهي من طريق شعبة بن عياش.

ولم يذكر القراءة الثالثة، وهي قراءة حفص عن عاصم (لِمَهْلِكِهم) بفتح الميم وكسر اللام.

ولو كانت عنده لما تركها، وقد ذكر قراءة عاصم بنصِّها.

المثال الثاني: قوله تعالى (وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً) (مريم:25).

قال الطبري: ((واختلف القرأة في قراءة قوله: (تساقط):

فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة والبصرة والكوفة (تَسَّاقط) بالتاء من تساقط وتشديد السين بمعنى تتساقط عليك النخلة رطبا جنيا ثم تدغم إحدى التاءين في الأخرى فتشدد، وكأن الذين قرؤوا ذلك كذلك وجهوا معنى الكلام إلى: وهزي إليك بجذع النخلة تسَّاقط النخلة عليك رطبا جنيَا.

وقرأ ذلك بعض قراء الكوفة: (تَسَاقط) بالتاء وتخفيف السين، ووجهوا معنى الكلام إلى مثل ما وجَّهه إليه مشددوها غير أنهم خالفوهم في القراءة.

وروي عن البراء بن عازب أنه قرأ ذلك: (يَسَّاقط) بالياء.

حدثني بذلك أحمد بن يوسف، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا يزيد، عن جرير بن حازم، عن أبي إسحاق، قال سمعت البراء بن عازب يقرؤه كذلك.

وكأنه وجه معنى الكلام إلى: وهزي إليك بجذع النخلة يتساقط عليك رطبًا جنيًا.

وروي عن أبي نهيك أنه كان يقرؤه (تُسقِط) بضم التاء وإسقاط الألف.

حدثنا بذلك بن حميد قال ثنا يحيى بن واضح قال ثنا عبد المؤمن قال: سمعت أبا نهيك يقرؤه كذلك. وكأنه وجه معنى الكلام إلى: تسقط النخلة عليك رطبا جنيا.

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن هذه القراءات الثلاث؛ أعني: تَسَّاقط بالتاء وتشديد السين، وبالتاء وتخفيف السين وبالياء وتشديد السين قراءات متقاربات المعاني قد قرأ بكل واحدة منهن قراء أهل معرفة بالقرآن فبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب الصواب فيه ... )). تفسير الطبري ط: دار هجر (15: 513 ـ 514).

وهذه القراءات ليس فيها ـ كما ترى ـ قراءة حفص عن عاصم (تُساقِط) بضم التاء وكسر القاف، ولو كانت عنده لذكرها، وهو كما رأيت ذكر قراءات شاذة، والله أعلم.

المثال الثالث: (وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْب) (القصص: 32).

قال الطبري: ((واختلفت القرأة في قراءة ذلك:

فقرأته عامة قرأة أهل الحجاز والبصرة (من الرَّهَبِ) بفتح الراء والهاء.

وقرأته عامة قرأة الكوفة (من الرُّهْب) بضم الراء وتسكين الهاء.

والقول في ذلك: أنهما قراءتان متفقتا المعنى، مشهورتان في قراء الأمصار، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب)) تفسير الطبري ط: دار هجر (18 246).

ولم يذكر قراءة حفص بفتح الراء وتسكين الهاء (من الرَّهْبِ)، ولو كانت عنده لذكرها، والله أعلم.

المثال الثالث: قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا) (الأحزاب: 13).

قال الطبري: ((والقرأة على فتح الميم من قوله: (لا مَقَامَ لكم) بمعنى لا موضع قيام لكم. وهي القراءة التي لا أستجيز القراءة بخلافها؛ لإجماع الحجة من القرأة عليها.

وذُكِرَ عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قرأ ذلك: (لا مُقَام) لكم بضم الميم يعني لا إقامة لكم)). تفسير الطبري، ط: دار هجر (19: 43).

ولم يورد أن هذه القراءة التي نسبها إلى أبي عبد الرحمن السلمي قرأ بها عاصم من طريق حفص، ولو كانت عنده لذكرها، ومن ثَمَّ، فإنه لا يصحُّ في مثل هذا المقام أن يقال: إن الطبري ردَّ قراءة حفص عن عاصم؛ لأنه لا يعلمها، والله أعلم.

المثال الخامس: قوله تعالى: (أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِباً) (غافر: 37).

قال الطبري: ((وقوله: (فأطلع إلى إله موسى) اختلف القرأة في قراءة قوله: (فأطلع):

فقرأت ذلك عامة قرأة الأمصار (فأطلعُ) بضم العين ردًّا على قوله: (أبلغُ الأسباب) وعطفا به عليه.

وذُكِر عن حميد الأعرج أنه قرأ (فأطلعَ) نصبًا جوابا لِـ (لعلِّي)، وقد ذكر الفراء أن بعض العرب أنشده:

عل صروف الدهر أو دُولاتها

يدلننا اللمة من لَمَّاتِها

فتستريحَ النفس من زفراتها

فنصب فتستريحَ على أنها جواب لِلَعَلَّ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير