[حفص بن سليمان المقرئ ومروياته بين القبول والرد: نقاش علمي مع أ. د.غانم قدوري الحمد]
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 10:42 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعد: فقد سعدت بجوار أخي الحبيب الدكتور عبدالرحمن الشهري (سلمه الله) في مكة في الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك 1426هـ، وأيام عيد الفطر المباركة، فليس فرحي بصحبة أبي عبدالله، والنهل من علمه، والإفادة من أدبه الجم، بأقل من فرحي بالمجاورة في تلك العشر المباركة.
ومما أفادني به بحثٌ كتبه أحد رواد الدراسات القرآنية واللغوية في هذا العصر الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد (الأستاذ بكلية التربية بجامعة تكريت) بعنوان:
حفص بن سليمان الأسدي راوي قراءة عاصم بين الجرح والتعديل ( http://www.tafsir.org/vb/showthread.php?t=3767)
والمنشور بملتقى أهل التفسير، وطلب مني إبداء وجهة نظري في هذه القضية المهمة، بعد تأكيده برغبة أ. د. غانم (سلمه الله) في ذلك. وبعد قراءتي للبحث وجدت أنه لا يستند إلى قواعد الجرح والتعديل كما ينبغي، وهو في مجملة مبني على العاطفة الطيبة تجاه هذا المقرئ العَلَم رحمه الله.
كما أنه يعوزه (الجانب التطبيقي)، وقد عَبَّرَ عن ذلك الأستاذُ الفاضل بقوله: (ولعل مما يعزِّز هذه النتيجة أن تعقد دراسة لمرويات حفص بن سليمان القارئ من الأحاديث، ومرويات من يشاركه في الاسم، ويُدرس حال رجالها، وتُوازن بمرويات غيرهم من المحدثين ... وأرجو أن أتمكن من القيام بمثل هذه الدراسة في المستقبل، أو يقوم بها غيري ... )). اهـ.
وتحقيقًا لرغبة الأستاذين الكريمين فسأقوم (بعون الله تعالى) بدراسة حال حفص بن سليمان الكوفي مستعينًا بالله تعالى. وسوف تكون المناقشة والتعقيب وفق تسلسل بحث الدكتور غانم بناء على ما وصلني في نسخته الورقية، وسأحرص على نقل جميع كلامه مضمنًا في ثنايا هذا البحث متصل العبارات غير مخروم ولا محذوف منه شيء، وعلامته ما تحته [خط] وأختمه [بـ (اهـ.)].
وستتضمن المناقشة والمباحثة الجانب النظري وذلك بتحرير النقول في جرحه وتعديله، مع تعليل الألفاظ ومعرفة معانيها ودلالاتها، مع الفصل بينه وبين غيره ممن يتفق أو يشتبه به، وتحرير بعض الأوهام المتعلقة بالترجمة.
ثم أتعرض للجانب التطبيقي، وذلك بدراسة مروياته والتنبيه على أفراده وغرائبه، مرتبًا لها على أسماء شيوخه. وبالله أستعين سبحانه وتعالى، وأسأله العدل والإنصاف، والتوفيق والسداد لما يحب ويرضى.
وسوف أتناول هذه المباحثة والمناقشة في جملة وقفات، مبتدأ بنقل كلام الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد، ثم أردفه بكلامي معقبًا عليه، أو مناقشًا له:
ـ[يحيى الشهري]ــــــــ[03 Dec 2005, 10:48 م]ـ
قال أ. د. غانم قدوري: (شهرة عاصم بن أبي النجود وتلميذه حفص بن سليمان الأسدي تملأ الآفاق اليوم فعاصم صاحب القراءة التي يقرأ بها المسلمون القرآن في معظم البلدان اليوم، وحفص هو صاحب الرواية عنه، ولكن المرء يعجب مما ورد في كتب رجال الحديث من وصف حفص بن سليمان بأنه ضعيف، متروك الحديث، وصار ذلك الوصف من المسلمات لدى معظم من كتب عن حفص، وحاول بعض العلماء التخفيف من أثر ذلك الوصف بالقول: "إن العالم قد يكون إمامًا في فن مقصرًا في فنون"، ولا عجب بناءً على ذلك أن يتقن حفص القرآن ويجوده، ولا يتقن الحديث). اهـ.
ينبغي أن نعلم أن عبارات المحدثين مصطلحات ذات دلالة، تختلف في معانيها باختلاف تركيبها وإضافتها، وإجمالها وتفصيلها.
فمثلاً بعضهم يطلق لفظة (ضعيف) ـ كالحال في حفص بن سليمان على ما ذكر الأستاذ الفاضل ـ وهي لفظة مجملة بابها الجرح غير المفسر، ويمكن أن تفسر من لفظ الناقد نفسه إذا كان له أكثر من قول في الراوي، أو من إطلاقها على غيره، ولا يكون ذلك إلا بعد الاستقراء ومعرفة مراده من هذا الإطلاق.
وإذا أطلقت بدون إضافة أو تركيب فإنها قد تنصرف للضعف في العدالة أو الضعف في الرواية وتبين ذلك القرائن.
وكذلك معنى قولهم (متروك) ليس كمثل قولهم (متروك الحديث) فيما أحسب:
فقولهم الأول قد ينصرف للديانة أوللرواية أو هما معًا، أما الثاني فلا أراه ينصرف إلا إلى الرواية.
¥