[اثنتا عشرة قاعدة في الأحرف السبعة، والقراءات]
ـ[أبو خالد، وليد العُمري]ــــــــ[06 Jul 2003, 08:29 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛ فهذه فتوى لشيخ الإسلام أبي العبَّاس ابن تيمية في الأحرف السبعة كنت كتبتها لطلاب قسم الدراسات القرآنية بكلية المعلمين في الباحة، وأبرزت أصولها، وقواعدها بالترقيم، وتوضيح العناوين سئل فيها عن قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم -: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف …))
• ما المراد بهذه السبعة؟؟
• وهل هذه القراءات المنسوبة إلى نافع وعاصم وغيرهما هي الأحرف السبعة أو واحد منها؟؟
• وما السبب الذي أوجب الاختلاف بين القُرَّاءِ فيما احتمله خط المصحف؟؟
• وهل تجوز القراءة برواية الأعمش، وابن محيصن، وغيرهما من القراءات الشاذة أم لا؟ وإذا جازت القراءة بها؛ فهل تجوز الصلاة بها أم لا؟؟
أفتونا مأجورين!
فأجاب: الحمد لله رب العالمين… ..
1. هذه مسألة كبيرة، قد تكلم فيها أصناف العلماء، من الفقهاء، والقُرَّاء، وأهل الحديث، والتفسير، والكلام، وشرح الغريب، وغيرهم، حتى صُنِّفَ فيها التصنيف المفرد، ومن آخر ما أُفْرِدَ في ذلك: ما صنفه الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الشافعي، المعروف بابن أبى شامة (1)، صاحب شرح الشاطبية.
فأما ذكر أقاويل الناس، وأدلتهم، وتقرير الحق فيها مبسوطاً، فيحتاج مِنْ ذِكْرِ الأحاديث الواردة في ذلك، وذكر ألفاظها، وسائر الأدلة إلى ما لا يتسع له هذا المكان، ولا يليق بمثل هذا الجواب؛ ولكن نذكر النكت الجامعة التي تنبه على المقصود بالجواب؛ فنقول:
2. لا نزاع بين العلماء المعتبرين: أن الأحرف السبعة التي ذَكَرَ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -أن القرآن أُنْزِلَ عليها ليست هي قراءات القُرَّاءِ السبعة المشهورة.
بل أول من جمع قراءات هؤلاء هو الإمام أبو بكر بن مجاهد (2)، وكان على رأس المائة الثالثة ببغداد، فإنه أحب أن يجمع المشهور من قراءات الحرمين، والعراقيين، والشام، إذْ هذه الأمصار الخمسة هي التي خرج منها علم النبوة من القرآن، وتفسيره، والحديث، والفقه، من الأعمال الباطنة، والظاهرة، وسائر العلوم الدينية، فلما أراد ذلك: جمع قراءات سبعة مشاهير من أئمة قُرَّاءِ هذه الأمصار؛ ليكون ذلك موافقاً لعدد الحروف التي أنزل عليها القرآن، لا لاعتقاده، أو اعتقاد غيره من العلماء: أن القراءات السبعة، هي الحروف السبعة، أو أن هؤلاء السبعة المعينين هم الذين لا يجوز أن يُقْرَأَ بغير قراءتهم، ولهذا قال من قال من أئمة القُرَّاء:" لولا أن ابن مجاهد سبقني إلى حمزة لجعلت مكانه يعقوب الحضرمي، إمام جامع البصرة، وإمام قُرَّاء البصرة في زمانه، في رأس المائتين".
3. ولا نزاع بين المسلمين: أن الحروف السبعة التي أُنْزِلَ القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى، وتضاده؛ بل قد يكون معناها:
أ. متفقاً، أو متقارباً؛ كما قال عبد الله بن مسعود: ((إنما هو كقول أحدكم: أقبل، وهلم، وتعال…)) (3).
ب. وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر؛ لكن كلا المعنيين حق، وهذا اختلاف تنوع وتغاير، لا اختلاف تضاد وتناقض، وهذا كما جاء في الحديث المرفوع عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – في حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف: ((إن قلت غفورًا رحيمًا، أو قلت عزيزًا حكيمًا؛ فالله كذلك ما لم تختم آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة)، وهذا كما في القراءات المشهورة: (رَبَّنَا بَاعِدْ)،و (بَاعَدَ) (4)، (إلا أن يخافا لاَ يُقِيْمَا)،و (إِلاَّ أن يخافا ألاَّ يُقِيْمَا)، (وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُوْلَ)،و (وَلِيَزُوْلَ مِنْهُ الجِبَالَ)، و (بَلْ عَجِبْتَ)،و (بَلْ عَجِبْتُ) (5)، ونحو ذلك.
¥