الردّ على علماء الأصوات في مسألة همس الطاء المنطوق بها اليوم
ـ[محمد يحيى شريف]ــــــــ[06 Jun 2006, 06:01 م]ـ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم
كما هو معلوم عند علماء الأصوات أنّ الطاء المنطوق بها اليوم مهموسة ودليلهم في ذلك قول سيبويه: "ولولا الإطباق لصارت الطاء دالاً" ويقولون أنّ الطاء الصحيحة هي التي تعدل الضاد المنطوق بها اليوم. وهذا الكلام فيه نظر لعدّة أسباب:
أوّلاً: الهمس هو جريان النفس عند النطق بالحرف لضعف الاعتماد على المخرج. فمن هذا التعريف نستخرج منه شيئين أساسيين وهما: جريان النفس و ضعف الاعتماد على المخرج. ونحاول الآن تطبيق هذا التعريف على الطاء الحالية فنقول: هل الطاء في نحو {الطآمّة} و {الطّلاق}، {إطعام} ... يجري فيها النفس كما في حروف الهمس الأخرى؟ هل هناك ضعف في الاعتماد على المخرج أم العكس؟ ولا شكّ أنّ الشرطين لا يتحققان في الطاء.
ثانياً: إن كانت الطاء الحالية مهموسةً حقاً فكيف نقلقلها بسهولة ولو كان النفس يجري حقيقة لما استطعنا قلقلتها إلاّ بكلفة لجريان النفس ولو أردتّ أن تقلقل الكاف أو التاء لوجدتّ مشقّة في ذلك. لأنّ القلقلة هو انحباس النفس والصوت فجريان النفس أو الصوت يبطل القلقلة.
ثالثا: هناك نصوص للقدامى أثبتت التشابه بين الطاء والتاء وهو المؤيّد للطاء المنطوق بها اليوم وهذه النصوص هي:
قال مكي بن أبي طالب القيسي (ت437) في كتابه الرعاية ص 198،199 طبعة دار عمان:" ويجب أن يبيّن الطاء إذا وقعت بعد صادٍ أو ضادٍ لأنّها لا تكون إلاّ مبدلة من تاء زائدة، وليس بأصلٍ فيُخافُ عليها أن يميل اللسان إلى أصلها وهو التاء. فبيانها هناك لازمٌ وذلك نحو {فمن اضطرّ}، أصله {أضترّ} من الضرر على وزن افتعلّ ثمّ أبدلوا من التاء طاءاً لمؤاخاتها للضاد في الإطباق والاستعلاء والجهر ولبعد التاء من الضاد وضعفها، لأنّ التاء حرف مهموس فيه ضعف فقُرِنَ بالضاد حرفٌ قويّ مثلها وهو الطاء، فأبدلت من التاء. وكذلك: أصطفى أصله اصتفى من الصفوة على وزن افتعل ثمّ فُعِلَ بالتاء مع الصاد مثلُ ما فُعِلَ بها مع الضاد لأنّ الصاد أيضاً من حروف الإطباق والاستعلاء فيجب أن يبيّن الطاءُ في هذا كلّه إذ هي بدلٌ من التاء ويظهر الإطباق لئلاً يذهب اللفظ نحو التاء التي هي الأصل. "
أقول: هذا يدلّ على تشابه الطاء بالتاء وتقاربهما.
وقال أيضاً رحمه الله: " .. كذلك لولا الإطباق والاستعلاء اللذان في الطاء لكانت دالاً، فإنّما فرّق بينهما في السمع اختلاف بعض الصفات لا غير " الرعاية ص201. أقول: قوله رحمه الله" فإنّما فرّق بينهما في السمع " يدل على عدم تشابههما في السمع أي بين الطاء والدال.
وقال رحمه الله: " فإن لم يتحفّظ القارئ بإظهار لفظ التاء على حقّها من اللفظ قَرُبَ لَفظُها من لفظ الطاء ودخل في التصحيف وذلك نحو {يستطع} و {استطاع} و {يستطيعون} وشبهه، ولا بدّ من التحفظ بإظهار التاء في هذا النوع بلطف مرقق غير مفخّم ليظهر من لفظ الطاء التي بعدها. ألا ترى أنّ التاء إذا وقعت بعد حرف إطباقٍ، لم يكن بدّ من أن نبدل منها طاء، لضعفها وذلك نحو {اصطفى}، {وهم يصطرخون} و {يصطلون} و {فمن اضطرّ} وشبهه. ليعمل اللسان عملاً واحداً. وأصل الطاء في ذلك شبهه تاء، إنما تبقى التاء على لفظها مع حرف الإطباق إذا كانت قبله متحرّكة، فافهمه " الرعاية ص207.
أقول: إن كانت الطاء الصحيحة هي الضاد الحالية فما الذي حمل مكي القيسي أن يقول كلّ هذا الكلام؟. فماذا بعد الحقّ إلاّ الضلال.
قال أبو عمر الداني (ت444): " فإذا التقت الطاء وهي ساكنة بتاءٍ أدغمت فيها بيسر وبيّن إطباقها مع الإدغام وإذا بُيّن امتنعت من أن تقلب تاءاً خالصة " التحديد ص138. أقول لولا أطباق الطاء في {بسطتّ} و {أحطتّ} ونحوهما لكانت تاءاً في السمع وهذا يدلّ على التشابه في السمع.
وقال رحمه الله تعالى " وإذا اجتمع – أي حرف التاء - مع حروف في كلمة فيلزم تعمّلُ بيانه وتخليصه من لفظه الطاء، وإلاّ انقلبت طاء كقوله تعالى {فاختلط} و {وما اختلط}، {فإن استطعت} و {تطلع} و {ولا تطغو} ........ "
¥