الدكتور غانم قدوري الحمد تحيةٌ .. ورجاء
ـ[د. عبدالرحمن الصالح]ــــــــ[25 May 2006, 01:01 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله ومن والاه وبعد
شكر الله تعالى لكم سعيكم ووفقكم لما فيه خيركم وخير أمتكم، ففي مثلكم يصحّ قول الشيخ المعريّ رحمه الله تعالى رحمةً واسعة يرثي أبا حمزة الجََبُّلي (قرية قرب واسط) الفقيه الحنفي:
أنفقَ العُمر ناسِكاً يطلُبُ العِلْـ = ـمَ بكشفٍ عن أصله وانتقادِ
وفقيهٍ أفكارُهُ شِدْنَ للنعـ = ـما ن (1) مالم يشِدهُ شعرُ زيادِ (2)
فالحجازيُّ بعده للعراقيّْـ = ـيِ قليلُ الخلافِ سهلُ القيادِ
(1) النعمان هو أبو حنيفة الفقيه رحمه الله.
(2) زياد هو ابن معاوية المعروف بالنابغة الذبياني.
[هكذا ينبغي وليس كما حرفها الناسخ المتعصب ضد الأحناف، وتبعه الطباع:فالعراقيّ بعده للحجازيّ، لأنه يكون قد نقض معناه]
ونسأل الله تعالى أن يمدّ في عمركم وأن ينفع بعلمكم.
أيها الأستاذ الجليل:
سعدنا بانتفاعكم من الدراسات الصوتية الحديثة، وإغنائكم الدراسات التجويدية بها وعلى مثل دربكم ينبغي أن يسير طلبة العلم،وبمثل صنيعكم أن يقتدوا ..
فما ضرّ علماء التجويد والأصوات العربية أن يعدوا القاف والطاء مجهورين وأن تكتشف الدراسات الحديثة أنهما مهموسان، حين اتضح وبان مفهوم الجهر والهمس على نحوٍ لم يكن بمقدور الإنسان إتقانه وحذقُه من قبل.
لكني وجدتكم تقولون قولاً أقضَّ مضجعي أن يصدُر عن عالمٍ بمثل مكانتكم، ولم تمرّ عليّ إلا (ليلة نابغية) منذ اطلعت على قولكم هذا في ملتقى أهل التفسير.
ذلكم رأيكم في قضية (نُطق الضاد) العربية.
حيث تردون قول سيبويه وكأنكم تقيسون "خطأ" القدماء في مسألة الجهر والهمس على مسألة (الشدة والرخاوة)، فتميلون مشايعة لمن حوّلت العُجمة أصواتهم من جمهور الشاميين والمصريين إلى أن الصواب في نطق الضاد هو (الشدةُ) لا (الرخاوة). فتريدونها أن تكون دالاً مفخمةً كما ينطقها جمهور القراء اليوم.
وكان حريًّا بكم أن تدعوهم إلى تصحيح نطقهم والعودة إلى ما أجمع عليه علماء العربية والقراءات من (رخاوة) الضاد واستمرار النفس معها دون انقطاع بدلاً من أن تدعوا إلى نبذ الإجماع وترجيح صحة (شدتها).
لكأنكم أيها الشيخ الجليل تقررون الحكمة الساخرة المتهكمة (خطأ شائع خيرٌ من صحيحٍ ضائع!!!)، وما بمثل هذا ندين الله تعالى بل بضدّه.
وها أنا ذا أنسخ للإخوة القراء قولكم أستعديهم وأستنصرهم لما أعتقد جازماً أنه الحقّ على رأيكم الذي بان بطلانه، والذي أدعوكم أن تضربوا عنه صفحاً وتثنوا عنه عِطفاً، فما يليقُ بمثلكم ارتكابه:
قال الدكتور غانم في قضية الضاد:لكن إفراد الضاد بمخرج مستقل لم يعد يتوافق مع النطق المعاصر للصوت ومن ثم فإن القول إن عدد المخارج ستة عشر مخرجاً أو سبعة عشر لم يعد مقبولاً.
وتتلخص قضية صوت الضاد في أن تحديد سيبويه لمخرجه لم يعد يتطابق مع نطقه المعاصر، كما أشرت، فسيبويه يقول في مخرجه: " من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد " ([الكتاب4/ 433]). ونقل علماء العربية وعلماء التجويد هذا التحديد لمخرج الضاد عن سيبويه، وفعل ذلك المحدثون من المؤلفين في علم التجويد أيضاً. وعدَّ سيبويه الضاد من الأصوات الرخوة بالإضافة إلى كونها صوتاً مجهوراًً، مُطْبَقاً، مستطيلاً. ([الكتاب4/ 434 - 435]).
والضاد بهذه الصفات لم يعد لها وجود في النطق العربي الفصيح في زماننا، لا في قراءة القرآن، ولا في غيرها، كما يقول علماء الأصوات المحدثون، وقد تحولت إلى دال مطبقة في نطق كثير من العرب، كما في بلاد الشام ومصر، وهو المأخوذ به في قراءة القرآن أيضاً. وصارت على ألسنة آخرين من العرب صوتاً لا يختلف عن الظاء، كما في العراق وبلدان الخليج العربي ([ينظر: إبراهيم أنيس: الأصوات اللغوية ص 48، ويوسف الخليفة أبو بكر: أصوات القرآن ص 69، وحسام سعيد محمود النعيمي: أصوات العربية ص 50]).
ولم يخرج ما جاء في (فن الترتيل وعلومه) و (المنير في أحكام التجويد) في تحديد مخرج الضاد عن تحديد القدماء لمخرجه ([ينظر: فن الترتيل 2/ 564، والمنير ص 107]).
¥