[الشاطبية ... فرائد وفوائد.]
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[10 Aug 2003, 12:13 ص]ـ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين ... أما بعد:
فمن المشهور عند كثير من طلبة العلم أن نظم الشاطبية الموسوم بـ (حرز الأماني ووجه التهاني)
من المنظومات في علم القراءات، ولذا تجد كثيرا من طلبة العلم أعرض عن هذا النظم، بحكم أنه ليس من تخصصه، وقد خفي عليه أن هذا النظم المبارك يحوي فوائد جمّة، وفرائد متناثرة ومتكاثرة، سواء كانت تلميحا وتضمينا أم تصريحا ... وقبل أن أورد لك بعض فرائد هذا النظم المبارك، أسرد لك بعض ما قاله العلماء عنه:
قال العلامة ابن الجزري رحمه الله تعالى:
ومن وقف على قصيدته علم مقدار ما آتاه الله في ذلك خصوصا اللامية التي عجز البلغاء من بعده عن معارضتها فإنه لا يعرف مقدارها إلا من نظم على منوالها أو قابل بينها وبين ما نظم على طريقها ولقد رزق هذا الكتاب من الشهرة والقبول ما لا أعلمه لكتاب غيره في هذا الفن بل أكاد أن أقول ولا في غير هذا الفن فإنني لا أحسب بلدا من بلاد الإسلام يخلو منه بل لا أظن أن بيت طالب علم يخلو من نسخة به
ولقد تنافس الناس فيها ورغبوا من اقتناء النسخ الصحاح منها وبالغ الناس في التغالي فيها حتى خرج بعضهم بذلك عن حد أن تكون لغير معصوم. ا. هـ
ويقول الإمام الذهبي رحمه الله في كتابه معرفة القراء الكبار
ولقد سارت الركبان بقصيدته حرز الأماني وعقيلة أتراب القصائد اللتين في القراءات والرسم وحفظهما خلق لا يحصون وخضع لها فحول الشعراء وكبار البلغاء وحذاق القراء فلقد أبدع و أوجز وسهل الصعب
لذا تلقاها العلماء في سائر الأعصار والأمصار بالقبول الحسن وعنوا بها أعظم عناية.
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[10 Aug 2003, 12:20 ص]ـ
فتأمل يا رعاك الله قول الإمام ابن الجزري رحمه الله: " ولا أظن بيت طالب علم يخلو من نسخة به "
وقول الإمام الذهبي رحمه الله: "وخضع لها فحول الشعراء وكبار البلغاء وحذاق القراء فلقد أبدع و أوجز وسهل الصعب " لتعلم ما حوته تلك المنظومة،
ولعلي أذكر لك بعضا منها، وأترك لك تذوق الأسلوب وجمال النظم.
يقول في فضل القرآن وفضل حملته:
- وَإِنَّ كِتَابَ اللهِ أَوْثَقُ شَافِعٍ .... وَأَغْنى غَنَاءً وَاهِباً مُتَفَضِّلاَ
11 - وَخَيْرُ جَلِيسٍ لاَ يُمَلُّ حَدِيثُهُ ...... وَتَرْدَادُهُ يَزْدَادُ فِيهِ تَجَمُّلاً
12 - وَحَيْثُ الْفَتى يَرْتَاعُ فيِ ظُلُمَاتِهِ ....... مِنَ اْلقَبرِ يَلْقَاهُ سَناً مُتَهَلِّلاً
13 - هُنَالِكَ يَهْنِيهِ مَقِيلاً وَرَوْضَةً ...... وَمِنْ أَجْلِهِ فِي ذِرْوَةِ الْعِزّ يجتُلَى
14 - يُنَاشِدُه في إرْضَائِهِ لحبِيِبِهِ ...... وَأَجْدِرْ بِهِ سُؤْلاً إلَيْهِ مُوَصَّلاَ
15 - فَيَا أَيُّهَا الْقَارِى بِهِ مُتَمَسِّكاً ......... مُجِلاًّ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ مُبَجِّلا
16 - هَنِيئاً مَرِيئاً وَالِدَاكَ عَلَيْهِما ........ مَلاَبِسُ أَنْوَأرٍ مِنَ التَّاجِ وَالحُلاْ
17 - فَما ظَنُّكُمْ بالنَّجْلِ عِنْدَ جَزَائِهِ ....... أُولئِكَ أَهْلُ اللهِ والصَّفَوَةُ المَلاَ
18 - أُولُو الْبِرِّ وَالْإِحْسَانِ وَالصَّبْرِ وَالتُّقَى ....... حُلاَهُمُ بِهَا جَاءَ الْقُرَانُ مُفَصَّلاَ
19 - عَلَيْكَ بِهَا مَا عِشْتَ فِيهَا مُنَافِساً ...... وَبِعْ نَفْسَكَ الدُّنْيَا بِأَنْفَاسِهَا الْعُلاَ
ـ[أبو عبد الرحمن المدني]ــــــــ[10 Aug 2003, 12:28 ص]ـ
ثم يختم رحمه الله مقدمته بتلك الوصايا العظيمة لطلبة العلم، والتي يتبين من خلالها تجرده وإخلاصه واحتقاره لعمله الذي عجز من بعده بالإتيان به
وتأمل قوله حيث يقول:
وَسَمَّيْتُهاَ "حِرْزَ الْأَمَانِي" تَيَمُّناً وَوَجْهَ التَّهانِي فَاهْنِهِ مُتَقبِّلاَ
71 - وَنَادَيْتُ أللَّهُمَّ يَا خَيْرَ سَامِعٍ .... أَعِذْنِي مِنَ التَّسْمِيعِ قَوْلاً وَمِفْعَلاَ
72 - إِلَيكَ يَدِي مِنْكَ الْأَيَادِي تَمُدُّهَا ..... أَجِرْنِي فَلاَ أَجْرِي بِجَوْرٍ قَأَخْطَلاَ
73 - أَمِينَ وَأَمْناً لِلأَمِينِ بِسِرِّهَا ..... وَإنْ عَثَرَتْ فَهُوَ الْأَمُونُ تَحَمُّلاَ
74 - أَقُولُ لِحُرٍ وَالْمُرُوءةُ مَرْؤُهَا ...... لِإخْوَتِهِ الْمِرْآةُ ذُو النُّورِ مِكْحَلاَ
¥