تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فإن قيل: لم اشتغلت الصحابة بجمع القرآن في المصحف، وقد وعد الله عز وجل بحفظه وما حفظ الله عز وجل فلا خوف عليه؟.

فالجواب: أنَّ جمعهم للقرآن كان من أسباب حفظ الله إياه، فإنه تعالى لما أراد حفظه، فيَّضهم لذلك، وفي الآية دلالةٌ قويةٌ على كون البسملةِ آية من كل سورة؛ لأن الله تبارك وتعالى قد وعد بحفظ القرآن، والحفظُ لا معنى له إلاَّ أن يبقى مصُوناً عن التغيير وعن الزيادة، وعن النقصان فلو لو تكن التسمية آية من القرآن، لما كان مصوناً من التغيير والزيادة، ولو جاز أن يظنَّ بالصحابة رضي الله عنهم أنهم زادوا، لجاز أيضاً أن يظنَّ بهم النقصان؛ وذلك يوجب خروج القرآن عن كونه حجَّة، وهذا لا دليل فيه؛ لأن أسماء السور أيضاً مكتوبةٌ معهم في المصحف، وليست من القرآن بالأجماع."

قال النيسابوري:" فقال {وإنا له لحافظون} لأنه لو كان من قول البشر أو لم يكن آية لم يبق محفوظاً من التغيير والاختلاف"

قال أبو السعود:" {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر} ردٌّ لإنكارهم التنزيلَ واستهزائِهم برسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وتسليةٌ له، أي نحن بعِظَم شأنِنا وعلوِّ جنابنا نزلنا ذلك الذكرَ الذي أنكروه وأنكروا نزولَه عليك ونسبوك بذلك إلى الجنون وعَمَّوا مُنزِّله، حيث بنوَا الفعلَ للمفعول إيماءً إلى أنه أمرٌ لا مصدرَ له وفعلٌ لا فاعلَ له {وَإِنَّا لَهُ لحافظون} من كل ما لا يليق به، فيدخل فيه تكذيبُهم له واستهزاؤُهم به دخولاً أولياً فيكون وعيداً للمستهزئين، وأما الحفظُ عن مجرد التحريفِ والزيادة والنقصِ وأمثالِها فليس بمقتضى المقام، فالوجهُ الحملُ على الحفظ من جميع ما يقدح فيه من الطعن فيه والمجادلةِ في حقّيته، ويجوزُ أن يراد حفظُه بالإعجاز دليلاً على التنزيل من عنده تعالى إذ لو كان من عند غير الله لتطرّق عليه الزيادةُ والنقصُ والاختلاف، وفي سبك الجملتين من الدلالة على كمال الكبرياءِ والجلالة وعلى فخامة شأنِ التنزيل ما لا يخفى، وفي إيراد الثانيةِ بالجملة الاسمية دلالةٌ على دوام الحفظِ والله سبحانه أعلم، وقيل: الضمير المجرورُ للرسول صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى: {والله يَعْصِمُكَ مِنَ الناس} وتأخيرُ هذا الكلام وإن كان جواباً عن أول كلامِهم الباطلِ، "ا. هـ

مما سبق تبين أن المقصود من حفظ القرآن حفظه من التحريف والتبديل والتغيير حتي لا يحدث ما فعله أهل الكتابين بكتبهم وتبديلهم لكتبهم حيث غيروا أحكام الله.ولم يتطرق أحد من المفسرين والأصوليين عن أن المراد بالحفظ .. الحفظ من التغيير والتبديل والتحريف اي كل ما يتعلق بتغير المعني وأقوال الأصوليين لا تخرج عما سبق لذلك أعرضنا صفحا عن نقلها.

أما هذه الأمة فالله تكفل بحفظ كتابه من التغيير بحيث يتغير معني الكلام وهذا هو المقصود.

أما تغير ما هو من قبيل الهيئة مثل الغنن والمدود والسكتات وغيرها فهذا لم ينبه من قبل المفسرين وليست مقصودة في الآية، لأن هذا من باب التخفيف علي الأمة وهذه الخلافات لا تضر لأن هذا لا يترتب عليه تغير في المعني ولا يُحدث تحريفا بحيث يتغير الحكم وقد عدّوا المد والإمالة ونحوهامن الأحرف السبعة قال النووي في شرح مسلم: " ثُمَّ اِخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِي تَعْيِين السَّبْعَة. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ فِي أَدَاء التِّلَاوَة وَكَيْفِيَّة النُّطْق بِكَلِمَاتِهَا مِنْ إِدْغَام وَإِظْهَار وَتَفْخِيم وَتَرْقِيق وَإِمَالَة وَمَدٍّ؛ لِأَنَّ الْعَرَب كَانَتْ مُخْتَلِفَة اللُّغَات فِي هَذِهِ الْوُجُوه، فَيَسَّرَ اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمْ لِيَقْرَأ كُلّ إِنْسَان بِمَا يُوَافِق لُغَته وَيَسْهُل عَلَى لِسَانه. وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ الْأَلْفَاظ وَالْحُرُوف، وَإِلَيْهِ أَشَارَ اِبْن شِهَاب بِمَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْهُ فِي الْكِتَاب ... "3/ 172.

وقال ابن حجر في الفتح:" وَقِيلَ لَيْسَ الْمُرَاد بِالسبع وَلَفْظ السَّبْعَة يُطْلَق عَلَى إِرَادَة الْكَثْرَة فِي الْآحَاد كَمَا يُطْلَق السَّبْعِينَ فِي الْعَشَرَات وَالسَّبْعمِائَةِ فِي الْمِئِين وَلَا يُرَاد الْعَدَد الْمُعَيَّن، وَإِلَى هَذَا جَنَحَ عِيَاض وَمَنْ تَبِعَهُ.14.189

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير