فأصول علم التجويد وقواعده إذن كانت موجودة في الكلام العربي , يحرص عليها القراء ويعتمدون عليها في قراءتهم وإقرائهم , وإن لم تكن مدونة , شأنها في ذلك شأن قواعد النحو والصرف التي استنبطها علماء العربية في وقت لاحق , فعلم التجويد الذي يدرس النظام الصوتي للغة كان موضوعه تحليل ذلك النظام واستخلاص ظواهره ووضعها في قواعد تساعد المتعلم على ضبطها وإتقانها حين يستخدم اللغة , وهم في ذلك يسيرون على خطى علماء العربية الذين سبقوهم في هذا الميدان.
ثم يتابع الدكتور غانم حديثه عن التعريف بأشهر كتب علم التجويد فيقول:
التأليف في علم التجويد لم ينقطع منذ ظهور مؤلفاته الأولى في القرن الرابع الهجري , حتى وقتنا المعاصر , وهذه ظاهرة توضح مقدار ارتباط المسلمين بالقرآن العظيم وحرصهم على تجويد حروفه وإتقان النطق بألفاظه. وقد أنتجت تلك الحركة التأليفية عشرات الكتب على مدى القرون المتتابعة , ويبدو أن تقديم قائمة كاملة بأسماء تلك الكتب أمر غير متيسر للدارسين اليوم , فالمراجع القديمة المتخصصة بالحديث عن العلوم والكتب المؤلفة فيها لا تقدم لنا إلا عددا محدودا من أسماء تلك الكتب , فلم يتجاوز ما ذكره السيوطي عن هذا الجانب في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) السطر الواحد حيث قال: " من المهمات تجويد القرآن , وقد أفرده جماعة كثيرون بالتصنيف , ومنهم الداني وغيره ".
وما ذكره حاجي خليفة في (كشف الظنون) وهو يتحدث عن علم التجويد , يعد شيئا يسيرا جدا إلى ما هو معروف من كتب هذا العلم , قال: " وأول من صنف في التجويد موسى بن عبيد الله بن يحيى بن خاقان الخاقاني البغدادي المقرئ المتوفى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة , ذكره ابن الجزري. ومن المصنفات فيه الدرر اليتيم وشرحه , والرعاية , وغاية المراد , والمقدمة الجزرية , وشرحها , والواضحة ".
والمشكلة الأساسية التي تعترض الدارس وهو يحاول استقصاء كتب علم التجويد هي أن ما سلم منها من التلف والضياع لا يزال معظمه مخطوطا , ولا شك في أن معرفة أسماء تلك المخطوطات وتحديد أماكن وجودها أمر غير متيسر دائما, لندرة فهارس المخطوطات , وهي إن توفرت في بلد فلا تتوفر في بلد آخر. وإن توفر بعضها فقد لا يتوفر بعضها الآخر. أما الحصول على نسخ مصورة من تلك المخطوطات فذلك أمر دونه خَرْطُ القَتَاد.
وما سنذكره من أسماء كتب علم التجويد هو المحاولة الأولى في هذا السبيل , على ما أعلم , ومن ثمَّ تظل هذه القائمة مظنة النقص والقصور , على أمل أن يكملها النظر المستمر والجهد المتواصل من المهتمين بهذا العلم الذي لم يحظ بما يستحقه من درس إلى اليوم.
وقد استخلصت هذه القائمة من فهارس المخطوطات التي تيسر لي الاطلاع عليها , ومن فهارس الكتب مثل (كشف الظنون) ومن كتب التراجم , مثل (غاية النهاية في طبقات القراء) لابن الجزري 0 ت 833 هـ) , الذي استخلصت منه أسماء جميع الكتب التي تتصل بعلم التجويد , ورتبت هذه الكتب القائمة على أساس تاريخي تبعا لوفاة المؤلفين , موردا اسم المؤلف وتاريخ وفاته واسم الكتاب , مشيرا إلى ما هو مخطوط منها أو مطبوع , من غير أن استقصي أما كن وجود المخطوط , فإن لذلك مظانه الخاصة , من بدء التأليف في هذا العلم , حتى أواخر القرن الثالث عشر الهجري.
1 - أبو مزاحم موسى بن عبيد الله الخاقاني البغدادي (325 هـ)
صنَّف:
أ- القصيدة الخاقانية التي قالها في حسن الأداء , مطبوع.
ب- الشرح , مثل شرح أبي عمرو الداني , مخطوط.
ت- الاقتباس , حيث لا يكاد يخلو كتاب من كتب علم التجويد القديمة من بعض أبيات قصيدة أبي مزاحم.
2 – أبو الحسن علي بن جعفر بن محمد السعيدي , نزيل شيراز (ت في حدود 410 هـ).
صنَّف:
أ- التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي , مطبوع , بتحقيق د / غانم قدوري الحمد.
ب- اختلاف القراء في اللام والنون , مطبوع , بتحقيق د / غانم قدوري الحمد.
3 – أبو محمد مكي بن أبي طالب القيسي القيرواني ثم القرطبي (ت 437 هـ).
صنَّف:
أ- الرعاية في تجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة , مطبوع , تحقيق د / احمد حسن فرحات.
4 – أبو عمرو عثمان بن سعيد الداني (ت 444 هـ).
صنَّف:
أ- التحديد في الإتقان والتجويد , مطبوع , بتحقيق د / غانم قدوري الحمد.
¥