تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الكلام بما فيه من إجمال هو جار مجرى التفويض. ومثله يكون كناية عن تصويب المتكلم طريقته وتخطئته طريقة خصمه. لأن مثل ذلك التفويض لله لا يكون إلا من الواثق بأنه على الحق وهو كقوله تعالى " لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير ". وذلك من قبيل الكناية التعريضية.

وذكر المؤمنين واليهود والنصارى والصابئين تقدم في آية البقرة وآية العقود.

وزاد في هذه الآية ذكر المجوس والمشركين، لأن الآيتين المتقدمتين كانتا في مساق بيان فضل التوحيد والإيمان بالله واليوم الآخر في كل زمان وفي كل أمة. وزيد في هذه السورة ذكر المجوس والمشركين لأن هذه الآية مسوقة لبيان التفويض إلى الله في الحكم بين أهل الملل، فالمجوس والمشركون ليسوا من أهل الإيمان بالله واليوم الآخر. .....

وللمجوسية شبه في الأصل بالإشراك إلا أنها تخالفه بمنع عبادة الأحجار، وبأن لها كتابا، فأشبهوا بذلك أهل الكتاب. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: " سنوا بهم سنة أهل الكتاب ". أي في الاكتفاء بأخذ الجزية منهم دون الإكراه على الإسلام كما يكره المشركون على الدخول في الإسلام.

وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى " وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين " في سورة النحل.

وأعيدت (إن) في صدر الجملة الواقعة خبرا عن اسم (إن) الأولى توكيدا لفظيا للخبر لطول الفصل بين اسم (إن) وخبرها. وكون خبرها جملة وهو توكيد حسن بسبب طول الفصل. وتقدم منه قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا " في سورة الكهف. وإذا لم يطل الفصل فالتوكيد بإعادة (إن) أقل حسنا كقول جرير:

إن الخليفة أن الله سربله ### سربال ملك به تزجى الخواتيم

ولا يحسن إذا كان مبتدأ الجملة الواقعة خبرا ضمير اسم (إن) الأولى كما تقول إن زيدا إنه قائم. بل لا بد من الاختلاف ليكون المؤكد الثاني غير الأول فتقبل إعادة المؤكد وإن كان المؤكد الأول كافيا.


وفي سورة النبأ
" إن جهنم كانت مرصادا ... ".
يجوز أن تكون جملة (إن جهنم كانت مرصادا) في موضع خبر ثان لـ (إن) من قوله (إن يوم الفصل كان ميقاتا) والتقدير: إن يوم الفصل إن جهنم كانت مرصادا فيه للطاغين، والعائد محذوف دل عليه قوله (مرصادا) أي مرصادا فيه، أي في ذلك اليوم لأن معنى المرصاد مقترب من معنى الميقات إذ كلاهما محدد لجزاء الطاغين.
ودخول حرف (إن) في خبر (إن) يفيد تأكيدا على التأكيد الذي أفاده حرف التأكيد الداخل على قوله (يوم الفصل ... )
ومنه قوله تعالى: " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ". كما تقدم في سورة الحج. وتكون الجملة من تمام ما خوطبوا به بقوله " يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ".

=======================

وفي نظم الدرر
ولما كان اليهود عبدوا الأصنام متقربين بها إلى النجوم كما مضى في المائدة، أتبعهم من شابهوه فقال: " والصابئين " ثم تلا بثاني فريقي أهل الكتاب فقال: " والنصارى " ثم أتبعهم من أشبهه بعض فرقهم في قولهم بإلهين اثنين فقال: " والمجوس " وهم عبدة النار؛ ثم ختم بأعم الكل في الضلال كما فتح بأعمهم في الهدى فقال: " والذين أشركوا " لشموله كل شرك حتى الأصغر من الربا وغيره " إن الله " أي الملك الأعظم الذي له الملك كله وهو أحكم الحاكمين " يفصل بينهم يوم القيامة " فيجازي كلاًَّ بعمله على ما يقتضيه في مجاري عاداتكم، ويقتص لبعضهم من بعض، ويميز الخبيث منهم من الطيب؛ ثم علل ذلك بقوله: " إن الله " أي الجامع لجميع صفات الكمال " على كل شيء " من الأشياء كلها " شهيد " فلا شيء إلا وهو به عليم، فهو لذلك على كل شيء قدير، كما مضى بيانه في " وسع كل شيء علماً ".

===============

وفي فتح القدير
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير