وشرطه أن يأتي بعد حرف المد، أي حرف، إلا الهمز والسكون، لأنهما سببا المد الفرعي بأنواعه، كما سيأتي إن شاء الله، والكلام هنا على المد الأصلي.
وأما المد الفرعي، فقد أشار إليه الناظم، رحمه الله، بقوله:
والآخر الفرعي موقوف على ******* سبب كهمز أو سكون مسجلا
فالفرعي، خلاف الأصلي، مبني على سبب ألا وهو:
وقوع الهمز بعد حرف المد، سواء كانا بكلمة واحدة، كما في قوله تعالى: (السماء)، فألف المد متبوعة بهمز، وكلاهما جاء في كلمة واحدة، أو كانا بكلمتين منفصلتين، كما في قوله تعالى: (لا إله إلا الله)، فألف المد في "لا"، والهمز في كلمة "إله".
أو وقوع السكون بعد حرف المد، سواء كان أصليا، كما في قوله تعالى: (الحاقة)، فألف المد متبوعة بقاف مشددة، وهي في حقيقتها: قاف ساكنة متبوعة بقاف متحركة، فحصل تلاقي الساكنين، (ألف المد الساكنة والقاف الساكنة، أي أولى القافين)، والسكون أصلي.
أو كان عارضا في الوقف دون الوصل، كما في قوله تعالى: (الحمد لله رب العالمين)، بالوقوف على العالمين، وأما إن وصلت فلا سكون، وكذا في قوله تعالى: (يرونهم مثليهم رأي العين)، بالوقوف على العين فإن وصلت فلا سكون، وعليه لا مد لأن السكون طارئ يزول بالوصل، ويأتي مزيد بيان لكل هذه الأنواع، إن شاء الله، والله أعلم.
وقد زاد الشيخ الضباع، رحمه الله، سببين آخرين من الأسباب المعنوية، وهما:
التعظيم: وهو في "لا" النافية للجنس، أو لا "التبرئة"، في كلمة التوحيد نحو قوله تعالى: (لا إله إلا الله)، وهو في نفس الوقت مد منفصل، جائز المد، كما سيأتي إن شاء الله، فلا يظهر سبب التعظيم في حالة المد المنفصل، لأن القارئ سينصرف أول ما ينصرف إلى السبب اللفظي، أي سبب المد المنفصل، فيمد 2 أو 4 أو 5 حركات، ولكنه إن كان ممن يلتزم قصر المنفصل، أي لا يمده، فعندئذ، يكون مده تعظيما، بالأصالة، لأنه لولا هذا السبب المعنوي لما مد أصلا لأنه لا يمد المنفصل، كما تقدم، فلا تخريج لمده في تلك الحالة إلا كونه مد تعظيم، والله أعلم.
والتبرئة: وهو مد "لا" التبرئة، أيضا، وقد روي عن حمزة، رحمه الله، في نحو قوله تعالى: (لا ريب)، فهنا ألف مد بعدها راء، فالصورة صورة المد الطبيعي الذي لا يزاد فيه عن حركتين، ورغم ذلك مد حمزة، رحمه الله، مراعاة للمعنى، فالآية تبرئ كتاب الله، عز وجل، من الريب وهذا معنى يحسن التنبيه عليه بالمد، ووجه المد فيه: التوسط، أي 4 حركات، وإذا جاء بعد "لا" همزة، أشبع المد، كما في قوله تعالى: (لا إكراه)، ففي هذه الصورة المد مد منفصل، فيعمل القارئ المد المنفصل ويهمل مد التبرئة عملا بأقوى السببين، لأن المد المنفصل أقوى من مد التبرئة، فالسبب اللفظي أقوى من السبب المعنوي، والله أعلم. بتصرف من "منحة ذي الجلال" ص91.
ثم انتقل الناظم، رحمه الله، إلى ذكر حروف المد وشروطها، وحروف اللين، فقال:
حروفه "ثلاثة" فعيها ******* من لفظ "واي" وهي في "نوحيها"
والكسر قبل الياء وقبل الواو ضم ******* شرط وفتح قبل ألف يلتزم
واللين منها الياء وواو سكنا ******* إن انفتاح قبل كل أعلنا
فحروف المد هي: "الألف والواو والياء"، وهي مجموعة في لفظ: "واي"، وهو لفظ لا معنى له، ولذا عبر عنه الناظم، رحمه الله، بقوله: من لفظ "واي"، ولم يقل: من كلمة "واي"، لأن الكلمة لفظ مفيد، كما أشار إلى ذلك ابن مالك، رحمه الله، في أول ألفيته بقوله:
كلامنا لفظ مفيد كاستقم ******* واسم وفعل ثم حرف الكلم
واللفظ غير المفيد كـ "واي" يسميه النحويون: مهملا، والله أعلم. شرح ابن عقيل رحمه الله (1/ 15).
وقد أتت هذه الحروف مستوفية شروطها، في كلمة واحدة هي:
قوله تعالى: (نوحيها)، فالواو مضموم ما قبلها، والياء مكسور ما قبلها، والألف مفتوح ما قبلها.
وكذا في قوله تعالى: (وأوتينا).
بتصرف من "منحة ذي الجلال" ص92.
ولكن هذه الحروف لا تكون حروف مد إلا وفق قيد، ذكره الناظم، رحمه الله، في البيت التالي:
والكسر قبل الياء وقبل الواو ضم ******* شرط وفتح قبل ألف يلتزم
¥