تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإذا أخذنا نطق مجيدي قراءة القرآن في زماننا لصوت الضاد بنظر الاعتبار فإن ذلك يستدعي إعادة النظر في طريقة تحديد مخرجه، وأنّ تمسك مؤلفي كتب علم التجويد المعاصرين بعبارة سيبويه في تحديد مخرج الضاد لم يعد مناسباً، وأن عليهم أن يفكروا في وصف جديد لمخرج هذا الصوت يتطابق مع نطقه الفعلي على ألسنة مجيدي القراءة.

والوصف المناسب للضاد اليوم هو: أنه صوت لِثَوِيٌّ، شديدٌ، مجهورٌ، مُطْبَقٌ. فلم يعد مخرجه من الحافة، كما حدده سيبويه، وتحول من الرخاوة إلى الشدة، كما أنه فقد صفة الاستطالة، هذا هو الراجح في مسألة الضاد، وقد يكون لبعض الدارسين وجهة نظر مغايرة، لكن الدليل هو الذي يرجح الأقوال، أو يردها ([49ينظر: مناقشة الموضوع: أبحاث في علم التجويد ص 88 - 92، وتفصيل قضية الضاد في المصدر نفسه ص 146 - 166]).اهـ كلامه.

وأنا- العبد لله- قد أخذ مني البحث في صوت (الضاد) خمسة وعشرين عاماً، ولم يكن من يُقرئوننا في المساجد مما يضبطونه أو يعبأون كثيراً في الخلاف فيه، وما نلومهم على ذلك،. وقد رأيت كثيراً ممن لديهم إجازات في القراءات السبع والعشر لا يضبطون نُطقه، ولا يميزون بين جهرٍ وهمس أو شدّةٍ أو او رخاوة بل يُقلدون كا عُلِّموا، ولا نلومهم بعدُ.

لكني قد وجدت كثيرين يضبطونها أيضاً ويوافقون في نُطقهم أوصاف علماء النحو والقراءات ومنهم عراقيون موصليون، وسنغاليون، وصوماليون، وهذا الملتقى المبارك قد بين لنا أن شيخاً أفغانيًّا جليلاً يضبطها كما ينبغي وهو يُقرئ في الحرم النبوي.

والذي استقرّ عليه استقرائي أن العراقيين وعرب الخليج والجزيرة لا يميزون بين الضاد والظاء فهم يرتكبون مع الضاد خطأً في المخرج، على حين أن الشاميين والمصريين يجعلون الضاد دالاً مُفخمة فهم يرتكبون خطأً في الصفة.

وقد عرفت سبب شيوع طريقة المصريين والشاميين التي أيدها الدكتور غانم، ذلك أن بعض كتب الفقه تُشدد على وجوب (التفريق) بين الضاد والظاء. فانخدع الناس بالتفريق ظنا منهم أن التفريق مطلوب لنفسه. والصواب أن التفريق المطلوب هو التفريق الموافق للصواب، وليس مجرد التفريق، والذي يجعل الضاد شديدة كالدال المفخمة ويقطع معها النفس قد أخلّ بصفة أجمع اهل العلم والاختصاص على وجودها وهي الرخاوة.

وهكذا لا يكون الشاميون والمصريون أصحّ من العراقيين وعرب الخليج والجزيرة مطلقاً وإن كان هؤلاء مطالبين بضبط المخرج أيضاً ليحصل التفريق الطفيف.

وإلى ذلك أشار الشاعر الكبير معروف الرصافي في الردّ على الشاميين:

قلْ للألى نطقوا بالضادِ مُدّغماً = لم يدغم الضاد آباءٌ لكم فرطوا

قل لليعاريب قد هانت مكارمكم = حتى ادعاها أناسٌ كلهم نبطُ

أين المكارمُ إن هم أصبحوا عرباً = فإنها في طباع العربِ تُشترطُ

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ـ[غانم قدوري الحمد]ــــــــ[31 May 2006, 05:53 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي الدكتور عبد الرحمن الصالح، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أما بعد فإني اطلعتُ على ما كتبتَ - بالحرف الكبير - حول ترجيحي نُطْقَ الضاد الجاري على ألسنة جمهور القُرَّاء في بلاد المسلمين الذين نسمع تلاواتهم صباحَ مساءَ، فجزاك الله تعالى كل خير على اهتمامك وحرصك، ونصحك لي بالتخلي عما ترجَّح عندي أنه أولى من غيره، وتحسبه أنت باطلاً، ودعوتِكَ لي إلى متابعة ما قرره علماؤنا السابقون حول نطق الضاد، وأشكر أيضاً الأخ الدكتور عبد الرحمن الشهري الذي أعلمني بمشاركتك مع رغبته بالتعليق عليها، وكنت متردداً في بادئ الأمر في الكتابة حول الموضوع، ولكني عدت لقراءة المشاركة مرة ثانية وترجح عندي أهمية مناقشة بعض الأفكار المتعلقة بموضوع الضاد، وقد لفتت نظري حماستك للدعوة إلى اعتماد نطق الضاد التي وصفها سيبويه في قراءة القرآن، وتركِ الضاد التي ينطقها جمهور القراء في زماننا، ولعل الجميع يشاركك هذا الشعور، ولكن أين هو ذلك النطق؟

وتواردت على ذهني بعض الملاحظات حول الموضوع، من غير خوض في التفاصيل، لأنها أوسع من أن تستوعب في مثل هذا المقام، ولكني أشير إلى ما يتعلق بالمبادئ التي يجب أن تعتمد في دراسة الموضوع، والقواعد التي يمكن أن نستند إليها في ترجيح صورة ما من صور نطق الضاد.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير