تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن الإمام ابن برجان في بيانه للمناسبة بين الآيات إما أن يذكر مناسبة الآية لما فبلها وما بعدها أو يبين مناسبة لآية أخرى بعيدة عنها في الموضع وقد تكون في سورة أخرى كما في الأمثلة التالية:

«والأنعام خلقها، عطف هذا الخطاب على ما تقدم لاتصال ذكر الخلق بالأمر وتقارب معنييهما لصدورهما في الأمر وتقارب معنييهما لصدورهما في الأمر الخالق جل وعلى» وقال بعد قوله تعالى: «إن ربك هو الخلاق العليم» «هذا منتظم لذكر الحق الخلق والسماوات والأرض» وفي قوله تعالى: «ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها» قال: «انتظام هذه الآية بالتي تقدمتها معنى أنه ليس بشيء كائن ما كان مؤمن أو كافر أو حيوان أو نبات بخارج عن التعبد لله عز وجل والقنوت لعظمته» وعند قوله تعالى:"ولقد أتيناك سبع من المثاني "قال: «هذا منتظم بما في صدر السورة من قولهم يا أيها الناس الذي نزل عليه الذكر انك لمجنون إلى قوله:إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون فذكر انواع التذكار ومايقع عليه اسم الذكر ثم عطف على ذلك قولهم: ولقد أتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم» فهو يلاحظ العلاقة بين الآيات ويوضح المناسبة بينها بشكل دقيق قد لا ينتبه إليه القارئ في بادئ الأمر فيحتاج معه إى مزيد تأمل وكل هذه الآيات في سورة واحدة،وقد تكون الآيات في سور مختلفة كما في المثال التالي:قال عند قوله تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه»: «انتظم هذا الخطاب بقوله في سورة النحل وغيرها: «وتجعلون لله البنات سبحانه» بقوله جل من قائل:ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا، أي الحق الكائن في قلوبهم الحاصل من آثاره الفطرة فما يزيدهم تنويع التصريف وتكرير التبيان إلا نفورا عن حقيقة ما يراد بهم من الهداية، نظم ذلك قوله: «لوكان معه آلهة» كما تقولون فسلم لهم جل وتعالى تجويز ظلالهم تسليم جدل وهذا من فرض ما لا يجوز كونه لتيبين ما لا يجوز سواه يقول وهو اعلم:لو كان معه آلهة كما زعمتم لم يكونوا إلا مخلوقين ولا خالق إلا الله».

بالإضافة إلى ما سبق من اهتمام ابن برجان بالمناسبة بين السور والآيات يعتني كذلك بذكر أغراض السورة ومحاورها العامة يقول في سورة الحجر: «الغرض المقصود الأول في هذه السورة والله أعلم الذكر والتذكير فابتدأ بقوله:"الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين على قوله وما يستاخرون "فسرد على ذلك: وقال يآيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لوما تأتينا بالملائكة عن كنت من الصادقين "ثم نظم بهذا جميع فصول السورة أو جلها .. » هكذا يسترسل في بيان المحاور التي جاءت بها السورة فهو يرى أن السورة القرآنية وحدة متكاملة ينطلق بناؤها من المحور العام لذلك قال:الغرض المقصود الأول فعبر بالأول ليعشب هذا المحور إلى المواضيع الأخرى،بل إنه يرى أن القرآن كله وحدة متكاملة،قال بعد حديثه عن السبع المثاني: «فهذا يؤيد ما تقدم ذكره من العبرة والقول بان القرآن كله واحد فرد لم يتفصل بعد على كل شيء» فالقرآن عند ابن برجان إن فصل نستطيع أن نستخرج منه كل شيء، وأعطانا مثال لذلك في فاتحة الكتاب قال بعد كلامه السابق: «عبر عن ذلك قوله في مفتتح أم القرآن وأم الكتاب:الحمد لله فجاء بالحمد الذي هو جامع الثناء والمدائح والذكر أجمعه وأضافه إلى اسمه جل وذكره،والذي جميع الأسماء له شارحة ثم تفصلت عنه الأسماء جميعا كما تفصلت عن الحمد الأذكار كلها أتبع ذلك رب العامين،فذكر الوجود كله الواقع اسم العالمين، وهو كل مخلوق وكل مذكور وموجود سوى الله عز وجل فظهر بذلك ما فصله إيجادا كما أظهر بتغاير الأسماء ما فصله عن اسمه الواحد الأحد» فانظر إلى هذه الكليات التي عبر بها هذا المفسر،وكيف يفصلها ويشير إلى ما يندرج تحتها وبهذه الطريقة يفسر القرآن،إلا أنه أودع في تفسيره إشارات وإيماءات واغمض في التعبير عنها في بعض الأحيان وبذلك يستعصي فهمه وإن صرح أن حمل اللفظ على ظاهره أولى.

الإشارة في تفسير ابن برجان:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير