تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال في المنار: فسروا الكتاب بالقرآن والحكمة بالسنة، والثاني غير مسلّم على عمومه، أما الأول فله وجه، وعليه يكون المراد بالآيات دلائل العقائد وبراهينها، وفيه وجه ثان وهو أن المراد بالكتاب مصدر كتب يقال كتب كتاباً وكتابة، وإنما الدعاء لأمة أمّية لابد في اصلاحها وتهذيبها من تعليمها الكتابة، أما الحكمة فهي في كل شيء مفرقة سره وفائدته والمراد بها: اسرار الاحكام الدينية والشرائع ومقاصدها، وقد بين رسول الله ذلك بسيرته في المسلمين; فان أرادوا من السنة هذا المعنى في تفسير الحكمة فهو مسلّم، وهو الذي كان يفهم من اسمها في الصدر الأول، وان ارادوا بالسنة ما يفسرها به أهل الاصول والمحدثون فلا تصح على اطلاقها. فالحكمة له هذا المعنى، ولكن الذي يتفقه في الدين ويفهم اسراره ومقاصده يصح ان يقال: إنه أوتي الحكمة التي قال الله فيها (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً). ولن يكون أحد داخلاً في دعوة إبراهيم حتى يقبل تعليم الحكمة من هذا النبي الكريم. علم ابراهيم واسماعيل عليه السلام ان تعليم الكتاب والحكمة لا يكون في اصلاح الامم واسعادها بل لابد أن يقرن التعليم بالتربية على الفضائل، والحمل على الاعمال الصالحة بحسن الاسوة والسياسة فقالا: (ويزكيهم) أي يطهر أنفسهم من الأخلاق الذميمة [تفسير المنار، بيروت، دار المعرفة، ج 1، ص 472 ـ 473.].

وأقول أن الحكمة وردت في عشرين موضعاً في القرآن في (11) سورة (11) موضعاً منها في قصص أنبياء سابقين أو الحكمة مطلقة، كما في حكمة بالغة فما تغن النذر. وورد وصف (حكيم) في (81) مرة في (40) سورة [المعجم المفهرس مادة حكم.].

وقد نقل الشيخ سعيد حوى في تفسيره بعض معاني الحكمة: «ويشهد على أن الحكمة: العلم بكتاب الله وصف الله عز وجل كتابه، بأنه حكيم (والقرآن الحكيم)، وقال ابراهيم النخعي: الحكمة: الفهم. وقال زيد بن أسلم: الحكمة: العقل. وقال مالك: وانينفع في قلبي أن الحكمة هي الفقه في دين الله، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله. وقال مجاهد: الحكمة: الاصابة في القول. وقال ابو العالية: الحكمة: خشية الله فان خشية الله رأس كل كلمة، قال ابن كثير: «والصحيح أن الحكمة كما قاله الجمهور لا تختص بالنبوة بل هي أعم منها، وأعلاها النبوة، ولكن لاتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع ... » [سعيد حوى. الاساس في التفسير، القاهرة، دار السلام، 1405 هـ / 1985 م، ج 1، ص 625.].

كيف نغير الحال وكيف نبدأ ونكسر الجدلية هذه؟ وذلك بمبادرات من أشخاص قياديين، يستطيعون أن يطرحوا طروحات على العقل والبيئة فتبدأ البيئة تتفاعل مع طروحاته العقلية فمن هنا نبدأ، من قيادة فكرية نبدأ، نحن نحلم بأن يأتي خليفة، ها هو سيدنا موسى وهل أحسن منه خليفة؟ لم يَنْتُج معه أي شيء وقال بعد نهاية المطاف (رب إني لا أملك الا نفسي وأخي) هذا بعد أربعين أو خمسين سنة في ميدان الدعوة والاصلاح، بعد كل هذا الجهد المتطاول بماذا خرج؟ لا شيء، فبذلك نرد على إخواننا الذين يظنون ان حل المشكلة في شخص اسمه خليفة، الخليفة مهم لكن أيضاً بيئة تتفاعل مع الخليفة، نحن الآن من أين نبدأ؟ واذا لم يأتِ خليفة نبدأ من طرح فكري، هذا الطرح الفكري يبدأ يتفاعل معه الناس فيغيرون البيئة من غير التعصب، نريد أن نغير الفردية والتعسف والهجوم على الأمور بلا انضاج ولا روية، نريد أن نغير اللاعقلانية الى العقلانية، وما لم نغير نحن الدعاة بأنفسنا فلا نحلم بأن يغير عامة الناس إذا كنا نحن طليعة الشعب كما نقول فنبدأ نحن التغيير. فاقرأوا القرآن وسترون أنه دائماً (الكتاب والحكمة) مع الانبياء، مثل داود محمد وهكذا دائماً مقترنين مع بعض، مشكلة المسلمين اليوم أنهم يقرأون الكتاب بلا حكمة فنقع في وقعات مميتة قاتلة.

9 ـ الكتاب وحال الأمة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير