تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

11 ـ إن بعض من كتب في الإعجاز العملي وكذا بعض مجلاَّت الإعجاز العلمي يشترطون شروطًا صحيحة في ذاتها، لكنها قد تكون مطاطةً غير محددة، فيقع الإخلال بشيء منها عند بعض الإعجازيين من حيث يدري أو لا يدري، فأحدهم يفسر قوله تعالى: (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ 0 وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ 0 ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ 0 فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) فيقول: (والاستواء الإلهي رمز للسيطرة الكلية، والقصد بإرادة الخلق والتكوين، والتسوية للكون بأرضه وسمائه ... )، ويقول في موطن بعد هذا: (والدحو لغة: هو المد والبسط والإلقاء، وهو كناية عن الثورات البركانية العنيفة التي أخرج بها ربنا سبحانه وتعالى من جوف الأرض كلاً من غلافها الغازي والمائي والصخري) وقال في موطن آخر يتكلم فيه عن أيام الخلق الستة: (وإن كان غالبية المفسرين ترى خلاف ذلك لاعتبارهم يومي خلق الأرض داخلين في الأيام الأربعة لجعل الرواسي والمباركة وتقدير الأقوات، إلا أنهم مجمعون على أن حرف العطف " ثم " لا يدل هنا على الترتيب مع التراخي، لكنه يدل على بعد عملية الاستواء والتسوية للسموات السبع من السماء الدخانية الأولى؛ لأن من معاني ثمَّ هنا أنها إشارة إلى البعيد بمعنى هناك في مقابل هنا للقريب ... ).

وقائل هذه التفسيرات من فضلاء من تكلم في الإعجاز العلمي من الإعجازيبن، وهو قد ذكر شروطًا؛ منها:

1 ـ أن الظاهر مقدم على التأويل، فمن أين ظهر له مفهوم الاستواء، ومفهوم الدحو الذي هو تأويل مجازي وليس حقيقة؟

2 ـ أنه اشترط حسن فهم النص من القرآن الكريم وفق دلالات ألفاظ اللغة العربية، فأين وجد في اللغة أن الدحو بمعنى الإلقاء، وأين وجد فيها أن ثمَّ (بضم الثاء) بمعنى الإشارة إلى البعيد؟!

3 ـ أنه اشترط البعد عن القضايا الغيبية، وهل ما يتحدث فيه من القضايا المشاهدة أم من القضايا الغيبية، فمن أين له أن الدحو هو الثورات البركانية العنيفة التي خرجت من جوف الأرض؟!

أليس هذا مخالفًا لما يشترطه؟

وأخيرًا أقول:

إن صِدقَ كثيرين ممن ولج في هذا الباب من الإعجازيين لا يُنكر، وقيامهم بالدعوة إلى الله من هذا السبيل جهد يُذكر ويُشكر، لكن كتاب ربنا ـ تبارك وتعالى ـ أغلى وأعلى من أن نسمح لكل من هبَّ ودبَّ أن يجعل نفسه هو المبين لكلام الله بما يخالف ما جاءت به الشريعة من أجل أن نُثبت للعالم أننا نملك من العلم ما لم يصلوا إليه.

وإن كان هؤلاء جادين في هذه الدعوى فإن الدعوة بالعلم إنما تكون بمثل ما ساروا عليه هم فنجاريهم بالأبحاث والمكتشفات لا أن نقول لهم ما توصلتم إليه فإنه في كتابنا، وهذا يدل على صدقه فآمنوا، فإن هذه الدعوى لا يقبلها كثير من المفكرين من علماء الغرب، بل لقد كانت موضع الاستهجان من بعضهم، فقال: إذا كان هذا عندكم فلم لم تكتشفوه قبلنا؟

وأقول: لا يأخذنا الحماس العاطفي لا يمنة ولا يسرة، وليكن بيننا أدب الخلاف، وأن نتعلم من بعضنا، وأن نتأمل قول من يعترض علينا، فقد يكون الحق معه ونحن لم نصل إلى ما علِمه، لكن لابدَّ أن يكون لنا مرجعٌ نرجع إليه حال الاختلاف، ومن ذلك ما اشترطه هؤلاء الإعجازيون من شروط صحيحة.

كتبه / د. مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار

قسم الدراسات القرآنية / كلية المعلمين بالرياض

ـ[المقرئ]ــــــــ[12 Aug 2005, 03:20 م]ـ

كم أنت رائع يا شيخ مساعد على هذا الطرح الجميل

فلقد مللنا - علم الله - من هذه الدعايات البراقة التي فتحت الباب على مصراعيه للجاهلين والمتعالمين بتفسير كلام الله تعالى دون خوف أو وجل

ولي عودة على هذا الموضوع بإذن الله ولكن أحببت إظهار مشاعري تجاه هذا المقال القيم فبارك الله فيك والشكر موصول لشيخنا عبد الرحمن على نقله لهذا المقال

المقرئ

ـ[أخوكم]ــــــــ[17 Aug 2005, 07:19 ص]ـ

جزاك رب العرش خير ما جازى عالما عن أمته

مقالة تستحق النشر في الانترنت وبقية وسائل الإعلام

فليت المهمتين بجانب الدعوة الانترنتية أن يقوموا بنشر هذا الخير، سواء عن طريق مواقعهم أو مجموعاتهم البريدية أو غير ذلك

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[17 Aug 2005, 06:44 م]ـ

مقال متين ... وهو على وجازته مستغرق للموضوع وله علينا حقان:

-من حقه أن يسلك به مسلك المتون التي تحتاج إلى شروح وحواش .... والكاتب –حفظه الله-وزع مقاصده على فقرات مرقمة ومركزة ... وياليت طلبة العلم المنشغلين بالموضوع يفردوا كل فقرة بما يناسبها من شرح وضرب مثل وغير ذلك ...

-من حقه علىالمشرفين أن يثبت ويفتح المجال لمن شاء إثراء الموضوع.والمتن بتمفصلاته الواضحة يساعد على تمركز وامتداد خيوط المناقشة والبحث.

ولوتم هذا لوفر الملتقى الطيب لمرتادي الشبكة العالمية وثيقة كاملة متكاملة في موضوع "الاعجاز العلمي "قد تغني عن تتبع الشذرات واللمع المنشورة هنا وهناك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير