وأخرجه النسائي في الكبرى (2: 5/ برقم 2217) والصغرى (5: 5/ برقم 2437): أنبأ عيسى بن مساور.
ثلاثتهم (هشام بن عمار، ودحيم، وعيسى بن مساور) عن محمد بن شعيب بن شابور، أخبرني معاوية بن سلام، عن أخيه: أنه أخبره، عن جده أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري: أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ((إسباغ الوضوء شطر الإيمان، والحمد لله ملء الميزان، والتسبيح والتكبير ملء السماوات والأرض، والصلاة نور، والزكاة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها)). اللفظ لابن ماجه.
وخالف الطبراني في عامة لفظه مع اتحاد المخرج فعنده: ((الطهور شطر الإيمان، والحمد يملأ الميزان، وسبحان الله والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء)). والمعنى متجه في سائر ألفاظه.
واختلف لفظ ابن حبان مع اتحاد المخرج (كذلك)، فقال: ((والصدقة ضياء)). والباقي سواء.
وخالف كذلك أبو عوانة في لفظه، فعنده: ((والصوم برهان)) .. ((والقرآن شفاء حجة لك أو عليك كل إنسان بائع نفسه)).
واختصره المروزي بالوضوء فحسب.
أما لفظ النسائي فمثل لفظ ابن ماجه إلا أنه لم يذكر آخر قطعة منه.
وبهذا يظهر جودة لفظ سنن ابن ماجه والنسائي بالنظر للآخرين .. والخلاف المذكور في نظري مؤثر!! وقد يكون من الرواة، وقد يكون من النسخ أو الطباعة فآفاتها كثيرة.
(4) وأما حديث أبي جعفر الرازي:
فأخرجه البخاري في التاريخ (8: 240) في ترجمة هبيرة بن عبدالرحمن: قال لي عبد الله بن محمد الجعفي، سمع محمد بن سعيد الأصبهاني، سمع يحيى بن أبي بكير، قال: نا أبو جعفر الرازي، عن هبيرة بن عبد الرحمن، عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الأشعري عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، قال: ((الوضوء شطر الإيمان)).
وقال أحمد بن الخليل، نا يحيى بن أبي بكير، عن أبي جعفر، عن عبد الله بن هبيرة (مثله).
وهبيرة هذا ذكره أيضًا ابن حبان في الثقات (5: 511) فزاد في نسبته: السلمي.
وقال بحشل في تاريخه (ص63): هبيرة بن عبد الرحمن وهو أبو عمر بن هبيرة.
قلت: ليس بالمشهور .. وروايته هذه تؤيد رواية معاوية المشهورة.
وبعد الانتهاء من سياق طرق الحديث، نشير لما فيه من علل:
العلة الأولى: الانقطاع بين يحيى بن أبي كثير وزيد بن سلام.
قال يحيى بن حسان عن معاوية بن سلام: أخذ مني يحيى بن أبي كثير كتب أخي زيد بن سلام. وهذا يشعر أن روايته عنه منقطعة. ولذا قال بن معين لم يلقه يحيى. انظر التهذيب (3: 358).
لكن أثبت سماعه أبو حاتم الرازي، ونقل عنه قوله: كان يجيئنا فنسمع منه. انظر جامع التحصيل (ص572).
وقال ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص 211): وقد اختلف في سماع يحيى بن أبي كثير من زيد بن سلام: فأنكره يحيى بن معين، وأثبته الإمام أحمد، وفي هذه الرواية التصريح بسماعه منه. اهـ.
قلت: الرواية التي في الصحيح قاضية بالسماع (والله أعلم).
العلة الثانية: انصب تعليل كثير من النقاد على الانقطاع بين زيد بن سلام وأبي مالك الأشعري .. وأول من رأيته أعل هذا الحديث النسائي: فرواه عن عمرو بن علي، عن عبدالرحمن بن مهدي، عن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد، عن أبي سلام، عن أبي مالك الأشعري (وقد مر في رواية عبدالرحمن بن مهدي).
ثم قال: خالفه معاوية بن سلام، رواه عن أخيه زيد، عن أبي سلام، عن عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك .. ثم ساقه بسنده (وقد مر في رواية معاوية بن سلام).
وقد خرجه مسلم عن إسحاق بن منصور، حدثنا حبان بن هلال، حدثنا أبان، حدثنا يحيى أن زيدًا حدثه، أن أبا سلام حدثه، عن أبي مالك الأشعري).
فتكلم فيه بعض النقاد من هذا الوجه، وذلك لاشتراطه الصحة في كتابه.
قال ابن عمار الشهيد في كتاب علل الأحاديث في كتاب الصحيح لمسلم بن الحجاج (ص45 ـ 48): ((وروى من حديث أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير: أن زيدًا حدثه، أن أبا سلام حدثه، عن أبي مالك الأشعري، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ((الطهور شطر الإيمان)) ... وفيه كلام آخر.
قال أبو الفضل: بين أبي سلام وبين أبي مالك في إسناد هذا الحديث عبد الرحمن بن غنم الأشعري.
رواه معاوية عن أخيه زيد ومعاوية كان أعلم عندنا بحديث أخيه زيد بن سلام من يحيى)) اهـ.
¥