وكذا ذهب الدارقطني إلى ذلك في التتبع (ص197): ((وخالفه معاوية بن سلام؛ رواه عن أخيه زيد، عن أبي سلام، عن عبدالرحمن بن غنم: أن أبا مالك حدثهم بهذا)). اهـ.
ونقل كلامه أبو مسعود الدمشقي في جوابته فأقره برقم (11)، فقال: ((وأخرج من حديث حبان بن هلال، عن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي مالك.
قال: قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (الوضوء شطر الايمان) بطوله، وهذا مرسل.
وقد رواه معاوية بن سلام، عن زيد، عن أبي سلام، عن عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك.
قال الخطيب أبو بكر - رضي الله تعالى عنه -: لم يذكر أبو مسعود في هذا الحديث شيئاً)). اهـ.
وتعقب ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2: 377) أبا محمد، فقال: ((لم يعرض له بشيء، واكتفى بأنه من كتاب مسلم ... والذي لأجله ذكرناه، هو انقطاع ما بين أبي سلام وأبي مالك، فقد قال الدارقطني وغيره: إنه منقطع، وأنه إنما يرويه عن عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك.
وذلك أن معاوية بن سلام يخالف فيه يحيى بن أبي كثير، فيرويه عن أخيه زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن عبدالرحمن بن غنم: أن أبا مالك حدثهم بهذا.
وقد نبه الناس على الانقطاع ما بين أبي سلام، وأبي مالك في هذا الحديث، وعدُّوه من الأحاديث المنقطعة في كتاب مسلم)). اهـ.
ومال شرف الدين النووي في شرحه للصحيح (3: 99 ـ 100) إلى نفي هذه العلة وأنه عند أبي سلام على الوجهين، فقال: ((هذا الاسناد مما تكلم فيه الدارقطني وغيره، فقالوا: سقط فيه رجل بين أبي سلام وأبي مالك، والساقط عبد الرحمن بن غنم، قالوا: والدليل على سقوطه أن معاوية بن سلام، رواه عن أخيه زيد بن سلام، عن جده أبي سلام، عن عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك الأشعري، وهكذا.
أخرجه النسائي وابن ماجه وغيرهما.
ويمكن أن يجاب لمسلم عن هذا: بأن الظاهر من حال مسلم أنه علم سماع أبي سلام لهذا الحديث من أبي مالك، فيكون أبو سلام سمعه من أبي مالك، وسمعه ـ أيضًا ـ من عبد الرحمن بن غنم، عن أبي مالك. فرواه مرة عنه، ومرة عن عبد الرحمن، وكيف كان فالمتن صحيح لا مطعن فيه. والله أعلم)). اهـ.
وقد لخص علة هذا الحديث والجواب عليها العلائي في جامع التحصيل (ص137 ـ 138).
وقال ابن حجر في النكت الظراف (9: 282): ((في الرواية المنقطعة (يحيى عن زيد عن جده عن أبي مالك): ((هذه الرواية هي المعتمدة؛ فإن هدبة بن خالد حدث به عن أبان العطار، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، أن الحارث الأشعري حدثه. وأخرجه ابن حبان في (صحيحه) من طريقه، وأما إدخال (عبدالرحمن بن غنم) بين أبي سلام وأبي مالك، فيحتمل أن يكون الحديث عند أبي سلام بإسنادين: أحدهما عن عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك.
والآخر: عن الحارث بن الحارث الأشعري، والحارث أيضًا يكنى أبا مالك، لكن أبو مالك ـ شيخ عبدالرحمن بن غنم ـ غيره فيما يظهر لي. والله أعلم)). اهـ.
قلت: كلام ابن حجر هذا غير محرر وفيه نظر من وجهين:
الأول: عدم وجود الرواية المذكورة عند الترمذي وابن حبان في المطبوع منهما.
الثاني: قوله: (تقدم في الأسماء منسوبًا للترمذي وحده) لم يتقدم الحديث أصلاً، كما في تعليق محقق تحفة الأشراف (9: 284)، وانظر لنقده حاشية علل الأحاديث (ص47) لعلي بن حسن.
كما أن في الجواب المذكور عن النووي وابن حجر ضعف؛ يتبين من معرفة عدم الإدراك الظاهر المشهور بين أبي مالك وأبي سلام الحبشي هذا، وينبني على هذا معرفة اسم أبي مالك الأشعري، فقد وقع الخلاف في ذلك مما جعله يلتبس بغيره على بعض المؤرخين الكبار، فقد اختلف في صحابي هذا الخبر وعلى هذا الخلاف ينبني وصل الحديث وإرساله:
فقيل: هو الحارث بن الحارث الأشعري الشامي صحابي روى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وعنه أبو سلام الأسود أخرج له الترمذي (5: 148) حديث: أن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات .. من طريق موسى بن إسماعيل حدثنا أبان بن يزيد حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام أن أبا سلام حدثه أن الحارث الأشعري .. وهذا السند سبق ذكره في طرق الحديث بعينه.
¥