ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[08 Sep 2005, 05:34 م]ـ
السلام عليكم:
وبعد الانتهاء من الموضوع نورد بعض ما اعترض به بعض العلماء الأفاضل على ما سبق.
ذكر بعض العلماء كالشيخ ابن عثيمين والشيخ إسماعيل المقدم وغيرهما بعض الاعتراضات على تفسير ابن عباس السابق وكان منها (نقلا عن رسالة الحجاب للشيخ ابن عثيمين):
((أحدها: محتمل أن مراده أول الأمرين قبل نزول آية الحجاب كما ذكره شيخ الإسلام.
الثاني: يحتمل أن مراده الزينة التي نهى عن إبدائها كما ذكره ابن كثير في تفسيره ويؤيد هذين الاحتمالين تفسيره رضي الله عنه لقوله تعالى: {يأَيُّهَا النَّبِىُّ قُل لاَِزْوَجِكَ وَبَنَتِكَ وَنِسَآءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَبِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}.
الثالث: إذا لم نسلم أن مراده أحد هذين الاحتمالين فإن تفسيره لا يكون حجة يجب قبولها إلا إذا لم يعارضه صحابي آخر. فإن عارضه صحابي آخر أخذ بما ترجحه الأدلة الأخرى، وابن عباس رضي الله عنهما قد عارض تفسيره ابن مسعود رضي الله عنه حيث فسر قوله: {إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءَابَآئِهِنَّ أَوْ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَآئِهِنَّ أَوْ أَبْنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِى أَخَوَتِهِنَّ أَوْ نِسَآئِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَنُهُنَّ أَوِ التَّبِعِينَ غَيْرِ أُوْلِى الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَتِ النِّسَآءِ وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. بالرداء والثياب وما لابد من ظهوره فوجب طلب الترجيح والعمل بما كان راجحاً في تفسيريهما)) انتهى كلامه -رحمه الله-.
الرد على هذه الاعتراضات:
الاعتراض الأول:
هذا مجرد احتمال لا يصح إلا بدليل خاصة إذا عرفنا أن ابن عباس يفتي متأخرا عن ابن مسعود -رضي الله عنهما-.
يقول الشيخ الألباني -رحمه الله- في كتابه جلباب المرأة المسلمة:
(ثم تأملت فبدا لي أن قول هؤلاء العلماء (الطبري والقرطبي) هو الصواب وأن ذلك من دقة نظرهم رحمهم الله وبيانه أن السلف اتفقوا على أن قوله تعالى (إلا ما ظهر منها) يعود إلى فعل يصدر من المرأة المكلفة غاية ما في الأمر أنهم اختلفوا فيما تظهره بقصد منها فابن مسعود يقول هو ثيابها أي جلبابها وابن عباس ومن معه من الصحابة وغيرهم يقول: هو الوجه والكفان منها. فمعنى الآية حينئذ: إلا ما ظهر عادة بإذن الشارع وأمره. ألست ترى أن المرأة لو رفعت من جلبابها حتى ظهر من تحته شيء من ثيابها وزينتها ـ كما يفعل ذلك بعض المتجلببات السعوديات ـ أنها تكون قد خالفت الآية باتفاق العلماء فقد التقى فعلها هذا مع فعلها الأول وكلاهما بقصد منها لا يمكن إلا هذا فمناط الحكم إذن في الآية ليس هو ما ظهر دون قصد من المرأة ـ فهذا مما لا مؤاخذة عليه في غير موضع الخلاف أيضا اتفاقا ـ وإنما هو فيما ظهر دون إذن من الشارع الحكيم فإذا ثبت أن الشرع سمح للمرأة بإظهار شيء من زينتها سواء كان كفا أو وجها أو غيرهما فلا يعترض عليه بما كنا ذكرناه من القصد لأنه مأذون فيه كإظهار الجلباب تماما كما بينت آنفا.
وقال أيضا في نفس الكتاب (قلت: فابن عباس ومن معه من الأصحاب والتابعين والمفسرين إنما يشيرون بتفسيرهم لآية (إلا ما ظهر منها) إلى هذه العادة التي كانت معروفة عند نزولها وأقروا عليها فلا يجوز معارضة تفسيرهم بتفسير ابن مسعود الذي لم يتابعه عليه أحد من الصحابة لأمرين اثنين:
الأول: أنه أطلق الثياب ولا قائل بهذا الإطلاق لأنه يشمل الثياب الداخلية التي هي في نفسها زينة كما تفعله بعض السعوديات كما تقدم فإذن هو يريد منها الجلباب فقط الذي تظهره المرأة من ثيابها إذا خرجت من دارها.
¥