من الشرك الأكبر الذي يجب على المسلم البعد عنه والحذر من الوقوع فيه كل الحذر، وما يذكر من الأحاديث بجواز الاستغاثة فلا ترتقي للصحة بل هي ضعاف. كقصة العتبي، والضرير الذي زعموا انه أمره النبيُّ صلى الله عليه وسلم أن يسأل الله بجاهه! فهذا كله من الزعم الباطل، لا يُلتفتُ إليه ولو ذكر بعضُ العلماء ذلك في كتبهم ومصنَّفاتهم فبعضهم ينقل عن بعض _ فسامحهم الله _ فالعبرة بما جاء في كتاب ربنا عز وجل وما جاءت به السُّنَّة الصحيحة الصريحة. وأما غيرهما فكلٌّ يُأخذ من قوله ويرد إلا صاحب القبر صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله الحصيِّن رحمه الله في الدرر السنيَّة (2/ 192 _ 193): (وقد اتفق الصحابةُ، والتابعون لهم بإحسان، على أنَّ النبي ? لا يُسْأَلُ بعد موته، لا استغفاراً، ولا دعاءً، ولا غيرهما؛ فإنَّ الدعاءَ عبادةٌ، مَبْنَاها على التوقيف والإتِّباع، لا على الهوى، والابتداع، ولو كان هذا من العبادة، لَسَنَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولكان أَصْحابُهُ أعلمَ بذلك وأَتْبَعَ لَهُ.
وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} (64) سورة النساء [سورة النساء: 64] فإتيانهم له صلى الله عليه وسلم للاستغفار، مخصوص بوجوده في الدنيا، ولهذا لَمْ يفعلهُ أحدٌ من الصحابة، ولا التابعين، مع شدَّة احتياجهم، وكثرةِ مُدْلَهَمَّاتِهِم، وهم أعلمُ بمعاني كتاب الله، وسنَّة رسوله، وأحرصُ إتِّباعاً لمِلَّتِهِ من غيرهم؛ بلْ كانوا ينهون عنه، وعن الوقوف عند القبر للدعاء عنده؛ منهم الإمام مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والشافعي؛ وهم من خير القرون، التي قد نَصَّ صلى الله عليه وسلم عليها في قوله: " خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم " قال عمران: لا أدري أذكر اثنتين أو ثلاثاً بعد قرنه، رواه البخاري في صحيحه).
وقال الشيخُ السعدي رحمه الله في تفسيره (1/ 319): (وهذا المجيءُ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مُخْتَصٌ بحياتِهِ؛ لأنَّ السِّياقَ يدُلُّ على ذلك لكون الاستغفار من الرَّسول لا يكون إلا في حياته، وأمَّا بعد موته فإنَّه لا يُطْلبُ منْهُ شيءٌ بلَ ذلك شِرْكٌ) والله أعلم
أتمنى التوجيه من المشايخ الفضلاء، فقد أكون جانبتُ الصواب، فما لنا إلَّا الرجوع والمآب.
محبكم
ـ[القلم]ــــــــ[12 Oct 2005, 01:24 ص]ـ
جزاك الله خير يا أبا العالية على هذه الفوائد ونفع بك.
ـ[القلم]ــــــــ[12 Oct 2005, 01:26 ص]ـ
هل هذا القاعدة التي ذكرها الشيخ الشنقيطي صحيحة أم لا؟
(الآية خطاب لقوم معينين وليس فيها لفظ عموم حتى نقول العبرة بعموم اللفظ وإنما فيها ضمائر والضمائر لا عموم لها).
أرجو التوضيح.
ـ[د. أبو بكر خليل]ــــــــ[13 Oct 2005, 03:30 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على رسوله المبعوث رحمة للعالمين،سيدنا و حبيبنا و شفيعنا يوم الدين، سيد ولد آدم أجمعين محمد صلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه تسليما كثيرا.
أما بعد:
فقد اختص نبينا عليه الصلاة و السلام بخصوصيات لم يحصل عليها خلق من خلق الله - سواء في ذلك النبيون و الملائكة المقربون - و من ذلك معراجه الشريف إلى قرب سدرة المنتهى وحده، و الملك جبريل عليهما السلام توقف إلى ما دون ذلك؟ فتأمله، ترى دلالته.
و كذا ذكر اسمه الشريف مقرونا باسم الخالق العظيم - الله - في الأذان للصلاة، و في الإقامة لها، و في آي القرآن، و الصلاة بها، و في التشهد، و كل ذلك من العبادات، بل من أعظم العبادات،
و كل ذلك بأمر من الله لعباده المؤمنين، و بفضل منه على رسوله الكريم، و هذا من المعلوم من الدين بالضرورة، و يكفر منكره و جاحده، و على ذلك إجماع المسلمين. و هو ثابت بالقرآن الكريم، و بالحديث الشريف.
¥