1 - إضطراب إسناده فقد رواه شعبة وحماد عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف؛ قال النسائي: خالفهما هشام الدستوائي وروح بن القاسم فقالا عن أبي جعفر عمير بن يزيد بن خراشة عن أبي أمامة بن سهل عن عثمان بن حنيف اهـ
ومن كان مثل أبي جعفر لا يحتمل منه هذا الإختلاف لأنه لم يوصف بالحفظ والضبط وإنما وصف بالصدق فقط.
2 - اضطراب متنه: فبعضهم زاد " يصلي ركعتين"وأكثرهم لا يذكرها وبعضهم يقول " فشق علي ذهاب بصري"وعامتهم يحذفونها وبعضهم يقول "شفعني في نفسي"وبعضهم يحذفها وبعضهم يقول:" فرجع وقد كشف له عن بصره" وأكثرهم لا يذكر ذلك وفي رواية بعضهم "إني توجهت بك يا محمد "وغيره يحذفها، وفي بعض الطرق " أن يقضي حاجتي أو حاجتي إلى فلان أو حاجتي في كذا وكذا " وعند بعضهم " وشفعني فيه "وفي رواية "ثم ما كانت حاجة فافعل مثل ذلك " وفي بعض الطرق " فكان يقول هذا مرارا " وفي رواية " وإن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك " كل هذه الألفاظ المختلفة مدارها على أبي جعفر وهذا مما يؤكد عدم ضبطه للحديث.
3 - نكارة متنها لأن الصحابي لن يعرض عليه رسول الله أمران ويقول له إن أحدهما خير له في الآخرة ثم يتركه أبدا وفي رواية أحمد أنه قال للأعمى ((إن شئت أخرت ذلك وهو أفضل لآخرتك)) ومما يؤيد ذلك قصة المرأة التي كانت تصرع وقال لها النبي ((إن شئت صبرت ولك الجنة وإن شئت دعوت الله أن يعافيك)) فقالت أصبر…الحديث.
خاصة أن الصحابي يسمع الأجر العظيم الذي ورد في الصبر على فقد البصر لحديث أنس بن مالك أن رسول الله قال: ((إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة)) يريد عينيه.
فهذا يدل على أن الخير الذي وعد به رسول الله الأعمى إذا صبر هو الجنة أو ما هو أعم منها.
وعلى تقدير صحته فهو واضح وضوح الشمس في الدلالة على التوسل بالدعاء لا غير يدل على ذلك:
4 - مجيء الأعمى إلى رسول الله صريح في أن المقصود هو التوسل بالدعاء لأنه لو قصد التوسل بالجاه لما تجشم عناء المجيء إليه.
5 - قول الأعمى:" ادعو الله أن يعافيني " نص صريح في أنه إنما يريد دعاءه.
6 - قوله في الرد على الأعمى ((إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك)) فخيره بين الدعاء والصبر على البلاء فلم يذكر له التوسل بالجاه ولا بالذات من قريب ولا بعيد.
7 - قول الأعمى: " ادع " وفي رواية النسائي من طريق حماد "ادع الله لي " مرتين أو ثلاثا وفي رواية أحمد " لا بل ادع الله لي " فهذا واضح في أن مقصود الأعمى هو الدعاء.
8 - قول الصحابي "فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعو بهذا الدعاء " يدل على أن المسالة متعلقة بالدعاء ليس إلا ولا علاقة لها بجاه ولا غيره.
9 - قال الأعمى: "إني توجهت بك" بعد قوله "أتوجه إليك " فيه معنى قوله من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه فيكون خطابا لحاضر معاين في قلبه مرتبط بما توجه به عند ربه من سؤال نبيه بدعائه الذي هو عين شفاعته ولذلك أتى بصغة الماضوية بعد الصغة المضارعية المفيد كل ذلك: أن هذا الداعي قد توسل بشفاعة نبيه في دعائه فكأنه استحضره وقت ندائه.
10 - قوله في الحديث " اللهم شفعه في " صريح في أن هنالك داعيان هما رسول الله والأعمى حتى يكون العدد شفعا قال في اللسان: " وتشفعت إليه في فلان فشفعني فيه تشفيعا قال حاتم يخاطب النعمان:
فككت عديا كلها من إسارها =فأفضل وشفعني بقيس بن جحدرقوله في الحديث " وشفعني فيه " وفيه أوضح دليل على أن المقصود هو الدعاء منهما فلذلك يطلب من الله قبول تلك الشفاعة لأن معنى شفع قبل شفاعته قال في القاموس:" وشفعته فيه تشفيعا حين شفع كمنع شفاعة قبلت شفاعته ".
وعلى هذا يكون المعنى اللهم اقبل دعائي في أن تقبل شفاعته في.
12 - هذا لو صح من معجزاته وخصائصه ولذلك رواه أصحاب دلائل النبوة كالبيهقي وأبو نعيم وابن كثير وغيره.
13 - لو صح لكان خاصا بحال حياة النبي لأنه لا يتصور منه الدعاء بعد موته.
14 - المستدلون بهذا الحديث يقيسون جاه صاليحهم بجاه رسول الله وشتان ما بين اليزيدين.
15 - لو كان الحديث صحيحا لورد أن بعض الصحابة فعله مع كثرة العميان فيهم كابن أم مكتوم وابن عباس وجابر وغيرهم.
16 - لوصحت هذه القصة لتواتر نقلها وكثر ذكرها واشتهر أمرها ولما تفرد بها صحابي واحد مع أنها معجزة عظيمة وآية باهرة.
¥