قلت: لما كان ريبهم واقعا في غي محله، إذ لو تأملوا أدنى تأمل لزال ريبهم لوضوح الأمر وسطوع البرهان كان ريبهم كأنه مشكوك فيه ومتردد في وقوعه. ([120])
تاسعا: موقفه من القراءات ([121]):
وهو يتعرض للقراءات وتوجيهها وربما ذكر القراءات الشاذة ومن ذلك:
قوله: وقرئ الحمد لله باتباع الدال للام وبالعكس ([122]).
وقال:] مالك [قراءة الجماعة بغير ألف من الملك بالضم وقرأ عاصم والكساني بالألف من الملك بالكسر ثم أخذ يوجهها. ([123])
ومن ذلك قوله: وجبرئيل فيه ثمان لغات أربع قرئ بهن وهي: جبرئيل كسلسبيل، وجبرئل كجحمرش، وجبريل بفتح الجيم بلا همز، وجبريل بكسرها. وأربع شواذ جبرال وجبرائيل وجبرائل وجبرين بالنون. ([124])
وقوله:] واتخذوا [([125]) على قراءة الأمر محكى بقول محذوف أي: وقلنا اتخذوا وعلى قراءة الماضي معطوف على جعلنا أي جعلناه مثابة واتخذه الناس مصلى.
] فإنما يقول له كن فيكون [([126]) قال: وقرأ ابن عامر بنصب المضارع ولحنه بعضهم لأن المنصوب في جواب الأمر لا بد أن يصح جوابا لشرطه تقول اضرب زيدا فيستقيم أي إن تضربه يستقم ولا يصح أن تقول إن يكن يكن وقد يجاب لعله على المعنى والتقدير إن قلت كن يكن. ([127])
ويتعرض للرسم مثل قوله في بسم: حذفت الألف لكثرة الاستعمال ([128])
عاشرا: موقفه من الفقه والأصول:
وأما تعرضه للفقهيات فضئيل جدا وليس هناك نقول عن المذاهب واختلافات الفقهاء ومن ذلك:
كلامه عن البسملة، وهل هي آية من كل سورة أم لا وحكمها في الصلاة. ([129]) وقال] وعلى الذين يطيقونه… [([130])
وعلى الذين يطيقونه بلا مشقة إن أرادوا أن يفطروا فدية …… وأن تصوموا أيها المطيقون للصيام خير لكم إن كنتم تعلمون مافي الصيام من الأسرار والخير المدرار ثم نسخ بقوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه ([131])
] ولتكبروا الله على ماهداكم [([132]) ووقت التكبير عند مالك من حيث يخرج إلى المصلى بعد الطلوع إلى مجيء الإمام إلى الصلاة. ([133])
وقال في تفسير قوله تعالى] ولاتقاتلوهم عند المسجد الحرام [([134]) ابتداءا] حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم [فيه] فاقتلوهم [فيه وفي غيره] كذلك جزاء الكافرين [. ([135])
هكذا اقتصر في تفسير الآية مع مافيها من كلام كثير لأهل العلم.
وكذلك قال في قوله] فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي [([136]) فإن أحصرتم ومنعتم من إتمامها فتحللوا منهما وعليكم مااستيسر من الهدي وذلك شاة] ولا تحلقوا رؤوسكم [أي لا تتحللوا] حتى يبلغ الهدي محله [أي حيث يحل ذبحه وهو محل الإحصار عند الشافعي فيذبح فيه بنية التحلل ويفرق، ومنى أو مكة عند مالك فيرسله فإذا تحقق أنه وصل وذُبح حل وحلق. ([137])
وقوله تحت تفسير] يسألونك عن الخمر والميسر [([138]) والميسر قال ابن عباس والحسن: كل قمار ميسر من شطرنج ونرد ونحوه حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب إذا كان بالفلوس وسمي ميسرا ليسر صاحبه بالمال الذي يأخذه وأما إذا كان بغير عوض إنما هو لعب فقط فلا بأس قاله ابن عرفة ([139]).
ويقول:
يقول الحق جل جلاله: ياأيها المؤمنون] كتب عليكم القصاص [([140]) في شأن القتلى في العمد فاستسلموا للقصاص فالحر يقتل بالحر ولا يقتل بالعبد بل يغرم قيمته لسيده ودليله قوله عليه السلام: “لا يقتل مسلم بكافر ولا حر بعبد ”والعبد يقتل بالعبد إن أراد سيد المقتول قتله فإن استحياه خير سيده بين إسلامه وفدائه بقيمة العبد وكذلك إن قتل الحر، خير أولياؤه بين قتله أو استرقاقه فإن استحيوه خير سيده بين إسلامه وفدائه بدية الحر العمد والأنثى تقتل بالأنثى والذكر بالذكر يقتل بالأنثى وتخصيص الآية بالمساوي قال مالك: أحسن ماسمعت في هذه الآية أنه يراد بها الجنس أي جنس الحر والذكر والأنثى فيه سواء، وأعاد ذكر الأنثى تأكيدا لرد ماكان يفعله الجاهلية من عدم القود فيها ثم قال الحق جل جلاله:] فمن عفي له [من دم] أخيه شيء [ولو قل فقد سقط القتل فالواجب اتباع القاتل بالدية بالمعروف من غير تعنيف ولا تعنيت وأداء من القاتل بإحسان من غير مطل ولا بخس ذلك الذي شرعت لكم من أمر العفو والدية تخفيف من ربكم ورحمة بكم. ([141])
¥