إذا شاء الله أن يطلعه عليه.
وليت شعري في أي آية في كتاب الله ذكرت درجة القطب هذه أم في أي حدبث صحبح؟ وليس بعد الصديقين إلا الأنبياء، وهل كان أبو بكر قطبا أم كان عمر أم عثمان أم علي؟ وهل أخفى ذلك عنا رسول الله r أم الصحابة رضي الله عنهم؟
ويقول:
والشكر على ثلاث درجات: درجة العوام الشكر على النعم ودرجة الخواص الشكر على النعم والنقم وعلى كل حال، ودرجة خواص الخواص أن يغيب عن رؤية النعم بمشاهدة المنعم. قال رجل لإبراهيم بن أدهم t : الفقراء إذا أعطوا شكروا، وإذا منعوا صبروا، فقال إبراهيم: هذه أخلاق الكلاب ولكن القوم إذا منعوا شكروا وإذا أعطوا آثروا.
وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام منزل الكتاب؟ قال تعالى] الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وأنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون [([151]) وقال:] والصابرين على ماأصابهم [([152]) وقال:] والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون [([153]) وقال] واصبر على ماأصابك إن ذلك من عزم الأمور [([154]) ولم يقل: شكروا، والشاكرين، واشكر!!
وماأدري أكلام هذا نقدمه أم كلام الذي أنزل عليه الكتاب من رب الأرباب؟ يقول النبي r : “ عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له”. ([155])
فهل هو مؤمن بنص حديث رسول الله r : أم كلب من الكلاب بنص ... ؟
ولاشك أن هذا منهج سلوكي مصادم للفطرة، فإن الذي يشكر على المصيبة إنسان غير سوي، ويتضمن هذا الكلام نفي أصل العبادة وأمها وهو الدعاء لأن الذي يشكر على المصاب كيف يدعو برفعه؟ وفي ذلك حط من شأن الأنبياء الذين جابهوا المصائب بالدعاء بكشفها لا بالشكر عليها، وهذا التنطع معارضة للشريعة السمحة التي أعطت كل ذي حق حقه.
أما الإيثار فهو من دلائل الشكر على النعمة فليس ثمة تعارض أصلا.
وأما إشارياته فنتركها تتحدث عن نفسها وهي جلها منصبة على أهل خصوصية والمنكرين عليهم من أهل العلم أو العوام فهو يجعل فريق المؤمنين يراد به أهل الخصوصية وفريق الكافرين أو المنافقين يراد به أهل العلم أو عوام الناس. ([156])
وقد صرح بذلك في قوله:
اعلم أن قاعدة تفسير أهل الإشارة هي أن كل عقاب توجه لمن ترك طريق الإيمان وأنكر على أهله، يتوجه مثله لمن ترك طريق مقام الإحسان وأنكر على أهله وكل وعيد توعد به أهل الكفر حسي بدني، وعذاب أهل الحجاب معنوي قلبي، فنقول فيمن رضي بعيبه، وأقام على مرض قلبه، وأنكر الأطباء ووجود أهل التربية: بئسما اشتروا به أنفسهم وهو كفرهم بما أنزل الله من الخصوصية على قلوب أوليائه بغيا وحسدا، أو جهلا وسوء ظن أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، فباءوا بغضب الحجاب على غضب البعد والارتياب، أو بغضب سقم القلوب، على غضب الإصرار على المساويء والعيوب من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصرا على الكبائر وهو لا يشعر كما قال الشاذلي t ولا يصح يتغلغل فيه إلا بصحبة أهله وللكافرين بالخصوصية عذاب الطمع وسجن الأكوان وهما شجرتا الذل والهوان، وإذا قيل لهم: آمنوا بما أنزل الله من أسرار الحقيقة وأنوار الطريقة، قالوا: نؤمن بما أنزل علينا من ظواهر الشريعة، ويكفرون بما وراءه من أسرار ككشف أسرار الذات، وأنوار الصفات. ([157])
أقول: وقد شابه هؤلاء في منهجهم ذلك الرافضة الذين جعلوا كل آية ذم في أبي بكر وعمر والصحابة رضوان الله عليهم، وكل آية ثناء في علي وآل البيت، فبئس الشبيه وبئس المشبه به.
قال:
والأحسن أن يقال:] غير المغضوب عليهم [([158]) هم الذين أوقف بهم عن السير أتباع الحظوظ والشهوات، فأوقعتهم في مهاوي العصيان والمخالفات] ولا الضالين [الذين حبسهم الجهل والتقليد، فلم تنفذ بصائرهم إلى إخلاص التوحيد، فنكصوا عن توحيد العيان إلى توحيد الدليل والبرهان، وهو ضلال عند أهل الشهود والعيان، ولو بلغ في الصلاح غاية.
وما أسوأ أحسنه!!
¥