تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويقول في قوله:] سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون [([159]): فسبحان من حجب العالمين بصلاحهم عن مصلحهم، وحجب العلماء بعلمهم عن معلومهم، واختص قوما بنفوذ غرائبهم إلى مشاهدة ذات محبوبهم، فهم في رياض ملوكته يتنزهون، وفي بحار جبروته يسبحون] لمثل هذا فليعمل العاملون [([160]).

ويقول في قوله:] وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون [([161]) وإذا قيل لمن يشتغل بالتعويق عن طريق الله، والإنكار على أولياء الله: أقصر من هذا الإفساد، وارجع عن هذا الغي والعناد، فقد ظهرت معالم الإرشاد لأهل المحبة والوداد، قال: إنما أنا مصلح ناصح، وفي أحوالي كلها صالح، يقول الحق جل جلاله: بل أفسدت قلوب عبادي. ورددتهم عن طريق محبتي وودادي، وعوقتهم عن دخول حضرتي، وحضرتهم شهود ذاتي وصفاتي، سددت بأحبائي، آيستهم من وجود التربية، وتحكمت على القدرة الأزلية، ولكنك لا تشعر بما أنت فيه من البلية،ولقد صدق من سبقت له العناية، وأتحف بالرعاية والهداية حيث يقول:

فهذه طريقة الإشراق كانت وتبقى ما الوجود باق

وأنكروه ملأ عوام لم يفهموا مقصوده فهاموا

فتب أيها المنكر قبل الفوات واطلب من يأخذ بيدك قبل الممات لئلا تلقي الله بقلب سقيم، فتكون في الحضيض الأسفل من عذابه الأليم، فسبب العذاب وجود الحجاب، وإتمام النعم النظر لوجهه الكريم، منحنا الله الحظ الأوفر في الدنيا والآخرة، آمين. ([162])

ويقول:

اعلم أن كثيرا من الناس يعتمدون على صحبة الأولياء، ويطلقون عنان أنفسهم في المعاصي والشهوات، ويقولون:سمعنا من سيدي فلان يقول: من رآنا لا تمسه النار، وهذا غلط وغرور، وقد قال عليه السلام لبنته: يافاطمة بنت محمد، لا أغنى عنك من الله شيئا، اشتري نفسك من الله، وقال للذي قال: ادع الله أن أكون رفيقك في الجنة، قال له: أعني على نفسك بكثرة السجود. نعم هذه المقالة إن صدرت من ولي متمكن مع الله فهي حق، لكن بشرط العمل ممن رآه بالمأمورات، وترك المحرمات، فإن المأمول من فضل الله ببركة أوليائه، أن يستقبل الله منه أحسن ما عمل، ويتجاوز عن سيئاته، فإن الولياء المتمكنين اتخذوا عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده، وهو أن من تعلق بهم وتمسك بالشريعة شفعوا فيه والغالب على من صحب الأولياء المتمكنين الحفظ وعدم الإصرار، فمن كان كذلك لا تمسه النار، وفي الحديث إذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب – يعني يلهم التوبة سريعا كما قيل لأهل بدر: افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وقال في القصد: يبلغ الولي مبلغا يقال له: أصحبناك السلامة، وأسقطنا عنك الملامة فاصنع ما شئت، ومصداقه قوله تعالى في حق سليمان عليه السلام:] هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب [([163]) هذا إن كان نبيا لأجل العصمة، فمن كان من الأولياء في مقام الإمامة قسط من أجل الحفظ، والله تعالى أعلم، ولا يتخذ عند الله العهد إلا أهل الفناء والبقاء، لأنهم بالله فيما يقولون، فليس لهم عند نفسهم إخبار، ولا مع الله قرار. ([164])

وأقول: سبحان الله! ما هذه الجرأة الوقحة التي توصل صاحبها إلى أن يقول: من رآنا لاتمسه النار.

ولا أظن رجلا صالحا فضلا عن ولي لله بقول: من رآني لاتمسه النار، بل لايقول ذلك إلا فاسق جريء على ربه وقد وصف الله عباده الصالحين بقوله] إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون [([165]) ... إلى أن قال:] والذين يؤتون ماآتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون [([166]) وقال:] فلايأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون [([167]) وكان أبو بكر الصديق سيد الأولياء والعارفين يقول: لو أن إحدى قدمي بالجنة والأخرى خارجها ماأمنت مكر الله. وكان سميه عمر يقول: لو نادى مناد يوم القيامة أن ادخلوا جميعا الجنة إلا واحدا لفرقت أن أكون هو. بل إن سيد الخلق r قال: “والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي” ([168]). وهو مصداق لقوله تعالى] وما أدري مايفعل بي ولا يكم [([169])

وقد غفل صاحبنا عن مصيبة وليه واشتغل بالمريد المسكين الملبس عليه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير