تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2005, 01:58 م]ـ

اللهم اغفر لأخي ابن الشجري، وأجزل عطائه على حسن ظنه بأخيه، وإن كان قد بالغ فأثنى عليه بما ليس فيه، وقد سرني هذا المقال لما فيه من الدرر والعيون، وأثقلني هَمُّ الرد عليه لِكثرةِ ما عليَّ من الديون، غير أنَّ فرحي بهِ غلبَ همَّ جوابهِ، لعلمي بكثرة طلابه، فقد عزَّ في زماننا هذا ذاك المقال الذي يُحتفلُ به، ويُحرص عليه، بعد أن كانت المجلات في منتصف القرن المنصرم تحفل بنفائس المقالات، ودرر الأنفاس، من أناس أعطوا الأدب والعلم حقهما، فجاءت كتاباتهم صُوىً هاديةً على طريق الأدب، يدرسها شداة الأدب نبراسا، ويجعلها طالب الأدب لكتابته أساسا، فحياك الله يا ابن الشجري، وحيا تلك المعاهد والطروس التي راشت سهامك فأصابت مواقعها، كما أصابت قطرات الماء مواقعها من ذي الغلة، على حد قول القُطاميِّ:

فَهُنَّ يَنبِذنَ مِن قَولٍ يُصبِنَ به=مواقعَ الماءِ مِنْ ذي الغُلَّةِ الصّادي

وقد عزمتُ على الجواب على هذه القطعة المحبرة منذ قرأتها، غير أن شواغل الزمان، وخلطة الإخوان، قد أخذت بي حتى تراخى الزمان، وجاء رمضان، فلم أبح لنفسي أن أشتغل بالتنميق والتوشيح، وملاحقة الأشجان والتباريح، ويشتغل المشمرون من المؤمنين بالتهليل والتسبيح، وصلاة القيام والتراويح، غير أنه ربما سمحت القريحة في وقت الانشغال، وشحت في وقت جمام النفس وهدوء البال، والأمر فيها لا يدرك بالقياس، ولا يكاد يطرد فيها ما يقوله كثير من الناس، فأما ما ذكرته عن الباحث المتفنن مساعد الطيار، وعن صاحبه المدقق خالد السبت، فقد أصبت الحقيقة، ووضعت قدم طالب العلم على الطريقة، وهناك غيرهما من العلماء والباحثين الذين بذلوا وكتبوا وحرروا في مسائل متفرقة من علوم القرآن والتفسير، وتصدوا للتدريس في حلقات العلم في المساجد، فنفع الله بهم طلاب العلم، ولهم من الله أجزل الأجر والثواب، وأسال الله أن يوفقهم للحق والصواب.

وأما ما ذكرته عن أخيك، وأملته فيه، فقد نظرت – رحمك الله – إلى عملي بعين الرضا، وأغضيت عما تعلمه من ضعفي معرضا، وقد أَهَمَّني حسنُ ظنِّكِ، وأعدك أن أسعى لتحقيقه بما أقدر عليه، وقد فزعت إلى الشعر طلباً للجواب، لعلمي بتفضيله عند أهل الآداب:

أين يا صاحبي افتراعُ المعاني؟! = وفُؤادي في غُربَةٍ من زماني

كلُّ يومٍ يحثُّ للسَّفرِ المضـ=ـني رِكاباً، ويسْتَقِلُّ الأماني

إنما يُبدِعُ الجديدَ خليُّ=من هُمومٍ ومُترعٌ من أَمانِ

وضليعٌ من العلوم، وقلبٌ=عاش في عمره مع الفرقانِ

أدرك الأولونَ سِرَّ المعالي=فاستبانَتْ شَوارِدُ القُرآنِ

وأتينا على زمانٍ بخيلٍ=فبِخَلنا، والمرءُ مثلُ الزَّمانِ

أُشغِلَ الطالبُ الحريصُ بما لا=ينفعُ العقلَ في ابتكارِ المعَاني

فركنَّا إلى حياةٍ من الزُّورِ=وعُدْنا بِحسرةِ الظمآنِ

ورضينا بالضعفِ في كُلِّ عِلمٍ=وفَرَرْنا من البُحوثِ السِّمانِ

وعرفنا الألقابَ، لكنْ رَضينا=مِنْ بُحُورِ العُلومِ بالشُطآنِ

إيهِ يا «دالُ» كم سعينا، ولكنْ=يَبْرُدُ الشوقُ بعد فوتِ الأَوَانِ

كم أَقَمْنا لها صُدورَ المَطايَا=وبَذَلْنا عُصارةَ الأَذهانِ

وانصرفنَا عن الجميعِ اضطراراً=وخَلَونا كَخَلْوَةِ الرُّهبَانِ

أَيُّها الكاتبُ الأديبُ ترفَّقْ=بفؤادٍ مُوكَّلٍ بالأماني

لا تلُمني وقد أَثَرتَ بِنفسي=ثَورةً مِنْ لَواعجِ الأَشجانِ

وهَزَزْتَ الفُؤادَ هَزَّاً رفيقاً=مثلَ ما هَزَّتِ الصَّبا عُودَ بانِ

فانبعثنا للشِّعْرِ لمَا سُقِينا=مِنْ أَديبٍ كأَنَّهُ الهَمَذاني

وإني أعتذر إليك، فالقريحة - ولو كانت صحيحة- لا تفي بحق حسن ظنك، ولكن خذ ما سمح به الخاطر المكدود، والجود من الموجود.

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[26 Oct 2005, 02:05 م]ـ

أردنا التخفيف من بعض ما سطره الإخوة الفضلاء تعقيباً على هذه المقالة الماتعة لأخي العزيز ابن الشجري فحذفت المشاركة برمتها، فلما رجعت لكمبيوتري المحمول عثرت على المشاركة وليس فيها إلا هاتين المشاركتين، وأعتذر أشد الاعتذار لإخواني النبلاء الذين عقبوا على هذه المطارحة العلمية الأدبية وهم د. سعيد بن متعب، و د. خالد الشبل، و د. أبو بكر خليل، والأخ أبو صلاح الدين، والأخ حسام الزهري. فمعذرة. وأسأل الله أن يجزيكم على مشاعركم النبيلة خير الجزاء، وقد أخذنا هذا الباب مدخلاً للمطارحة الأدبية على عادة أهل الأدب، فإننا نجد فيها متنفساً لتلك الروح الأدبية التي نحبها، ولا نجد في واقعنا ما يشبعها، فقد غلب على مجالس طلاب العلم حديث الحياة، واختفى حديث الأدب والشعر مع ما اختفى من لذائذ الحياة العقلية. وقد كان عقب أخي الدكتور خالد الشبل بقوله (حين قرأتُ ما سطرَتْه يراعةُ أستاذنا الأديب ابن الشجري في أخينا الأريب د. عبد الرحمن وردَّه عليه تذكرت القصة التي ساقها أبو البركات في (نزهة الألباء) في ترجمة أبي القاسم محمود ولقائه بشيخِ الكمال، سَمِيّ أستاذنا، الشريف أبي السعادات بن الشجري، رحمهم الله، وعفا عنهم).

وما زلت أطمع من أبي عبدالله أن يضع بين أيدينا تلك القصة إن أسعفه الوقت.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير