تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال النووي الشافعي - رحمه الله -: (وقال أصحابنا [يقصد الشافعية] سجدة {ص} ليست من عزائم السجود. معناه: ليست سجدة تلاوة، ولكنها سجدة شكر، هذا هو المنصوص، وبه قطع الجمهور) ([34]) ا هـ.

والمعتمد في مذهب الإمام أحمد أنها سجدة شكر ([35]).

والصحيح أن سجدة {ص} سجدة تلاوة لارتباطها بتلاوة الآية، ولكنها ليست من عزائم السجود كما قال ابن عباس ([36]).

(والمراد بالعزائم ما وردت العزيمة على فعله كصيغة الأمر مثلاً، بناء على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لايقول بالوجوب) ([37]).

ثالثاً: السجود في المفصل:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قرأ: {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} [الانشقاق: 1] فسجد فيها، فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها ([38]).

ذكر ابن عبدالبر هذا الحديث في التمهيد، ثُمَّ قال - بعد أن بيّن أنه حديث صحيح: (وفي هذا الحديث السجود في المفصّل، وهو أمر مختلف فيه، فأمَّا مالك وأصحابه، وطائفة من أهل المدينة، فإنهم لايرون السجود في المفصل، وهو قول ابن عمر وابن عباس، وروي ذلك عن أبي بن كعب، وهو قول سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهد، وطاووس، وعطاء؛ كل هؤلاء يقول: ليس في المفصل سجود بالأسانيد الصحاح عنهم، وقال يحيى بن سعيد: أدركنا القراء لايسجدون في شيء من المفصّل، وكان أيوب السختياني لايسجد في شيء من المفصّل ... .

وحجة من لم يرَ السجود ما حدثنا عبد الله بن محمد، قال: حدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا محمد بن رافع، قال: حدثنا أزهر بن القاسم - رأيته بمكة - قال: حدثنا أبو قدامة، عن مطر الوراق، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحوّل إلى المدينة ([39]).

قال أبو عمر: هذا عندي حديث منكر، يرده قول أبي هريرة سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} [الانشقاق: 1] ولم يصحبه أبو هريرة إلاَّ بالمدينة.

قال أبو داود ([40]): هذا حديث لايحفظ عن غير أبي قدامة هذا بإسناده.

قال أبو داود: وقد روى من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة، وإسناده واهٍ ([41]).

قال أبو عمر: رواه عمر الدمشقي مجهول، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.

قال أبو عمر: في حديث أبي الدرداء إحدى عشرة سجدة، منها: النجم.

واحتجوا أيضاً بحديث زيد بن ثابت ... ، قال: قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم النجم، فلم يسجد فيها ([42]).

وليس فيه حجة إلاَّ على من زعم أن السجود واجب.

وقد قيل: إن معناه أن زيد بن ثابت كان القارئ، فلما لم يسجد، لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن المستمع تبع للتالي، وهذا يدل على صحة قول عمر: إن الله لم يكتبها علينا، فإنَّما حديث زيد ابن ثابت هذا حجة على من أوجب سجود التلاوة لا غير.

وقال جماعة من أهل العلم: السجود في المفصّل في {والنجم} و {إذا السماء انشقت} و {اقرأ باسم ربك}.

هذا قول الشافعي والثوري وأبي حنيفة، وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبو ثور؛ وروي ذلك عن أبي بكر، وعمر، وعلي، وابن مسعود، وعثمان، وأبي هريرة، وابن عمر، على اختلاف عنه؛ وعن عمر بن عبدالعزيز، وجماعة من التابعين.

وحجة من رأى السجود في المفصل حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سجد في {إذا السماء انشقت} و {اقرأ باسم ربك} ... عن أبي هريرة، قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} [الانشقاق: 1]، و {ا؟ قْرَأْ بِا؟ سْمِ رَبِّكَ} [العلق: 1].

وفي رواية عن أبي رافع، قال: صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ {إِذَا ا؟ لسَّمَآءُ ا؟ نشَقَّتْ = 1} فسجد، قلتُ: ما هذه السجدة؟ قال: سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه ([43]).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير