السنة هي المنهاج النبوي لصياغة الحياة البشرية على هدي القرآن، إضافة إلى مكانتها في التشريع.
فالسنة اجتمع فيها البيان والتبليغ والتأسيس، مع قرارات الإمام، وأحكام القاضي، والسلوك الجبلي النبوي.
وإذا كان القرآن قد حفظ نصا مجموعا، مرتب السور، متراص الآيات، واضح البناء، ثابتا بالقطع لفظا ومبنى، سهل المأخذ بهذه المعاني، فإن السنة قد تخلف في روايتها كثير من هذه الصفات.
والسبب عدم الجمع والتصنيف في العهد النبوي، والصحابة، وقد ترتب على هذا ضعف وضوح منهج الصحابة تجاه السن في غير التشريع، ينضاف إليه تساهل المتأخرين بعد القرن الثالث في الاهتمام بعلم الصحابة ومعارفهم لا سيما بعد الاتفاق على عدم حجية قول الصحابي المخالف.
ولما تشوف العلماء لجمع الحديث النبوي والسنة، وبسبب ما سبق من تفرق نصوصها، واعتمادها فقط في التشريع، كان الاضطرار إلى جمعها تبعا للرواية سواء أكانت النصوص تامة، أم مختصرة، أم باللفظ، أم بالمعنى اعتبارا لفهم الناقل لها.
وقد ثبت تاريخيا، وبالنقل المتواتر وجود نسخ وصحف ولكن الروايات المنسوبة إليها اختلفت وكان الواجب أن تتفق لفظا.
اعتبارا لهذا فإن الكتب صنفت تبعا لما ثبت عند مصنفيها فحسب، ووقع فقهها فيها تبعا لذلك، ولا ضير في ذلك زمن الرواية، فإن الأصل في التصنيف الأول هو الجمع، أما الفقه فإنما كان تابعا إلا في القليل من المصنفات كالبخاري ومسلم ومالك، وهؤلاء سلكوا الجادة إلا ما كان مما هم معذورون فيه لأن التكليف واقع بما يطاق. ولا يكلفون بما لم يثبت عندهم.
كما أن الغالب في التصانيف المبوبة هو الإشارة إلى وجه الاحتجاج والاستشهاد فرضا لصحة الرواية، أو غير ذلك من الاعتبارات.
واليوم وقد انتهت الرواية لزم التصنيف وفق الصورة المجموعة الأجزاء، كما وقع لصحف القرآن مع الفارق لأنه حفظ مرتبا في الصدور في وحدة السورة، ولو اختلف ترتيب السور.
والهدف هو تجميع صورة البيان الكاملة تبعا لأصلها المبين، بدل فصلها وتفريقها، حتى نتمكن من تصور المنهج النبوي في تأليف جيد التصنيف: فروعه وجزئياته مرتبطة بأصوله وكلياته مع العناية بمنهج الصحابة الذي هو المبين لذلك المنهج. ولتحقيق هذا الغرض نقترح الخطة التالية:
1 - وضع معجم موضوعي لآيات القرآن الكريم بمثابة الكليات والأصول، والمبادئ العامة.
2 - جمع الروايات الحديثية وفق الخطة التالية:
• كل حديث تجمع رواياته بكاملها، تعددت مخارجها أم اتحدت أم انفرد أصحابها. ويميز الصحيح من السقيم، وما يصلح للاعتبار مما لا يصلح، وترتب تلك الروايات ويعاد تأليف كل حديث كما خرج أول مرة، مشفوعا بسبب وروده، وتاريخه، وطبقات انتشاره، وانحساره، ومواطن ذلك كله، ومعرفة مخرجه زمانا ومكانا وأشخاصا.
• عند إعادة تركيب النص سوف تتعدد الألفاظ والعبارات، ولهذا وجب دراسة الألفاظ اعتبارا للمفاهيم النبوية اعتمادا على مفاهيم القرآن لأنه أثر في لغة القوم وفي نمط تفكيرهم، وسيكون الترجيح تابعا للاجتهاد.
• جمع آثار الصحابة المرتبطة بالحديث أو موضوعه، ودراستها من حيث القبول والرد، لمعرفة ماكان عليه العمل مما ليس كذلك، ومنهج الفهم ...
3 - تمييز ما له علاقة بالبيان والتبليغ مما هو واضح الصلة بالنص القرآني، وما ليس واضحا لكنه من نوع البيان والتبليغ،
4 - تمييز ما صدر في حالة الإمامة، ويرجى إلى المرحلة الموالية لتمييز ماهو من البيان والتبليغ وما هو متعلق بالإمامة رأسا.
5 - تمييز ما هو من قبيل السلوك البشري وأيضا يرجى إلى أن يميز تبعا لمنهج خاص.
ويعتمد أولا روايات كل مصنف على حدة، ثم مجموعة تلتقي في صفات تبعا لمناهج أصحابها، كالبخاري ومسلم، والكتب الأربعة والموطأ، ثم المسانيد لأنها الأقرب في تحقيق التصور، ثم بقية الصحاح، ثم الأمثل فالأمثل وفق خطة تستوعب مظان النصوص ومكملاتها.
هذا بالنسبة للنصوص الحديثية أما بالنسبة للعلوم الخادمة، فإن الخطة تستهدف، إحياء المفاهيم التاريخية الأصلية للمصطلحات النقدية التي بها يمكن تحقيق الفهم المتكامل لمناهج النقاد المحدثين، ونستطيع الإجابة على إشكالات النصوص والكتب التي ألفت، ونعتبرها الأصول، إلى جانب كتب الفقه والتشريع، التي اعتبرت مقابلة لمدرسة المحدثين.
كما أننا نتمكن من إزالة اللبس عن كثير من الإطلاقات الموجودة في كتب المصطلح المصطدمة مع واقع الحال في كتب المتقدمين أهل الاصطلاح وهم القرون الثلاثة الأولى، ونتعرف على تطور قواعد النقد، والجديد منها والظروف التي أملت ذلك، وعلاقته بالتوظيف في تأصيل المعرفة.
وتكون وفق الخطة التالية:
قسم خاص بمصطلحات وقواعد نقد الرواة.
قسم خاص بمصطلحات وقواعد نقد السند
قسم خاص بمصطلحات وقواعد نقد المتن.
وفق ما يلي
1 - استقراء الألفاظ والمصطلحات النقدية من الكتب الأولى، ومن الكتب التي تعتمد الرواية.
2 - ضم الجزئيات التي ارتبطت بها تلك المصطلحات والقواعد.
3 - استقراء شروح تلك الألفاظ والمصطلحات مرتبة ترتيبا زمنيا.
4 - دراسة الحالات الجزئية لمعرفة المشترك بينها، وتأصيل القواعد وعرضها، وفق الكلي والمستثنى، لأن المحدثين لم يكونوا يعتمدون الحدود.
5 - ترتيب المادة وفق الزمن لمعرفة التطور والظروف المؤثرة، والمقصود بالمصطلح والقاعدة في زمن من أزمنة النقد.
¥